تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذات مرة طلب هاتفي فأعطي خطأ هاتف ابن عمي وابن خالي المطابق اسمه اسمي - وهو محمد بن عمر بن محمد العقيل - ,, واظنه اهتدى الى رقم هاتفي عن طريقه، فأمطرني في الهاتف عتابا، وانه يخشى عليَّ الفتنة في الدين، لانني هربت عن مجالس العلماء ومجالستهم وهم ذوو النفع - بعد الله - دنيا وآخرة - وانجرفت مع الضائعين ممن اثروا فيَّ ولم استحوذ عليهم!!

وكلما حاولت الاعتذار بانني لم انقطع عن المشايخ وانني دعوت الشيخ فلانا وفلانا وزرت الشيخ فلانا وفلانا: قال: يا ولدي: اترك عنك هذا الكلام,, المجاملة شيء، والصحبة الدائمة النافعة شيء آخر,, وعلى اي حال ما طلبتك الا لاخبرك بان شيخ الجميع سماحة الشيخ عبدالله بن حميد يسأل عنك كثيرا ولم يهتد اليك وتعهدت له بان ارسلك اليه فلابد ان تزوره.

قال أبو عبدالرحمن: ففوجئت بهذا الخبر، اذ لا ثقل لي حتى يطلبني سماحته!! ,, وكنت بين خوف ورجاء، لان سماحته كان مهيبا، وقلت: يا شيخ صالح: عسى ماشر، او ان احداً كذب عليَّ؟!

فقال: يا ولدي: صل مع شيخك ابن حميد العصر او المغرب او تغدّ معه فانه يتغدى مبكرا لينام قبل العصر قليلا,, وليس عند المشايخ الا الخير.

ثم حصل لقائي مع سماحة الشيخ ابن حميد وتلقيت عتابه وتوجيهه حول مقالتي (بل ننقي اقلامنا) ,, وقد ذكرت ذلك في التباريح.

وكان سماحة الشيخ صالح رحمه الله شديد الالحاح عليّ بالا ارهق نفسي بشراء الكتب والتوسع في الفنون - وكان ذلك ايام الطلب -ويوصيني بالاستعارة لان الغرض حفظ العلم واستحضار معانيه لا تكدريس الكتب، ويعرض عليّ الاستعارة من مكتبته ما اريد,, وكان يوصيني بحفظ المختصرات في الفقه والحديث والنحو.

وكان يقول لي دائما: لست الشمس تطلع على كل شيء، والعمر قصير,, وهو ممن يزهد في التأليف.

ثم في الاعوام الاخيرة بعد انتقاله الى الرياض قال لي بالنص المقارب: انت يا ولدي لا تحسن التصرف في علمك ومالك وليست عندك فراسة في اختيار الاصحاب,, وما دمت اخترت الظاهرية وابن حزم - وان كان الاجدر غير ذلك - فوفر جهدك للمحلى مثلا قراءة وحفظا وشرحا وتخريجا، وليكن ذلك جهد العمر كله,, وانت لن تعمر عمر نوح وقد نلت من الشهرة الصحفية والثقافية ما يكفي ومحاولتك معرفة كل شيء ضرب من العبث فلتكن خدمتك للمحلى اثرا خالدا تنتفع به وينتفع به الناس ويكون لك فن تكون مرجعا فيه وتعرف به وتكون حجة فيه!

قال ابو عبدالرحمن: ولسوء حظي لم انتفع بوصيته رحمه الله.

ولم يستجب لدعوتي في المنزل الا مرة واحدة بعد الحاح شديد مني، واشتراط منه مغلظ الا أتكلف والا يزيد المدعوون عن اناس حددهم هو,, وقال لي: انت مسرف، وسورة الاسراء بينت لك كيفية الانفاق!

ودعوته لحضور مناسبة زواج احدى بناتي وقدمت له كتابي عن ابن حزم - اربعة اجزاء في مجلدين هدية له فاعتذر عن تلبية الدعوة بلطف وقفز بسرعة على اساس انه سيدخل كتابي بمكتبته وانه سيجدد الوضوء وامرني بانتظار البخور، وان نذهب لصلاة العشاء معا,, وبعد ان عاد ناولني ظرفا وقال: هذه اوراق اطلع عليها واعطني رأيك فيها ولست مستعجلا عليها ولا تنشغل بها الا في البيت لانها تحتاج الى تأمل طويل,, وشاغلني عن فتح الظرف,, فلما فتحته في المسجد وجدت فيه عشرة آلاف ريال واردت ان اشكره فصرفني عن الحديث في هذا الموضوع مطلقا بعد ان اخبرني ان المبلغ معونة في الزواج وشاغلني بأجواء توجيهية.

قال أبو عبدالرحمن: ولا انسى بركة تلك النقود وكنت في ازمة وضائقة!!

وكان رحمه الله ذكيا نبيها عوضه الله عن فقد بصره بالبصيرة النافذة والحس المرهف.

وقبل الكهرباء - وعند ظهور الاتاريك وكنا بشقراء - كان بعد صلاة المغرب ينزل الاتريك والكبريت من اماكنهما، ويولع الاتريك ويعلقه بخفة حركة واهتداء مما لا يتمتع به البصير!

ومع علمه وفضله كان زعيما فحلا مهيبا,, اراد ان يتندر عليه من يرى في نفسه انه من علية القوم وقال له:

فتواكم يا شيخ أعظم على جمال عبدالناصر من القنبلة النووية!! ,, فوثب الشيخ صالح كالاسد الهصور يقول: اعرف انك من كراعين قومك ولست من رؤوسهم واعرف ان في قلبك مرضا، وليس هذا المجلس مقعدا لامثالك,, قم ولا تعد اليه بعد اليوم,, انك تتهكم ببلادك وولاة امرك، وعزائم دينك,, وانت تستحق التأديب ولكنني انصحك واحذرك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير