تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَهُوَ قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، مِثْلِ: سُفيَانَ الثَّورِيِّ، وَابنِ المُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَقَ، قَالُوا: لاَ تَقْرَأُ الحَائِضُ وَلا الجُنُبُ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ إِلاَّ طَرَفَ الآيَةِ وَالحَرفَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَرَخَّصُوا للجُنُبِ وَالحَائِضِ في التَّسْبِيحِ وَالتَهْلِيلِ.

قَالَ: وَسَمِعتُ مُحَمَّدَ بنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ بنَ عَيَّاشٍ يَروِي عَن أَهْلِ الحِجَازِ وَأَهْلِ العِراقِ أَحَاديثَ منَاكِيرَ. كَأَنَّهُ ضَعَّفَ رَوَايَتَهُ عَنْهُمْ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ. وَقَالَ: إِنَّمَا حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بن عَيَّاشٍ عَن أَهْلِ الشَّأْمِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: إِسْمَاعِيلُ بنُ عَيَّاشٍ أَصْلَحُ مِنْ بَقِيَّةَ، وَلِبَقِيَّةَ أَحَاديثُ منَاكيرُ عنِ الثِّقَاتِ.

قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ الحَسَنِ قَالَ: "سَمِعتُ أَحْمَدَ بنَ حَنبَلٍ يَقُولُ ذَلِكَ".

فإذا علمنا ذلك فمن المجازفة أن نقول أنهم استدلوا بأدلة لا تصح هكذا وانتهى، بل إن المسألة تكون اجتهادية - على الأقل -.

وهل نظرت أخي الكريم في كتب من قال بالمنع فعرفت أدلتهم - وهذا هو الإنصاف - سواء من الكتاب أو السنة أو القياس أو غير ذلك؟

أم أنك أخذت قولهم وأدلتهم من عند من يقول بالجواز؟

ونقلك عن كتاب " الفقه على المذاهب الأربعة " يلمح إلى أنك لم تقرأ في الكتب المعتمدة للمذاهب الأربعة لتعرف أدلتهم ومعتمدهم، فأين الإنصاف؟ رضي الله عنك

ذكرت أخي الكريم:

فعند المالكية يجوز للجنب قراءة القرآن والحائض حال نزول الدم. أما بعد انقطاعه فإنه لا يجوز لها القراءة قبل أن تغتسل، لأنها صارت متمكنة من الاغتسال، فلا تحل لها القراءة قبله

ولم تقيد ..

ثم ذكرت:

فعند المالكية وضعوا شرطين لقراءة القرآن للجنب:

أحدهما أن يقرأ ما تيسر من القرآن كآية ونحوها في حالتين. الحالة الأولى: أن يقصد بذلك التحصن من عدو ونحوه الحالة الثانية: أن يستدل على حكم من الأحكام الشرعية

فيتضح مما سبق أن المالكية كذلك يمنعون الجنب من تلاوة القرءان.

وكذلك الحنفية قالوا بحالتين فقط إحداهما: أن يفتتح أمرا من الأمور الهامة - ذات بال - بالتسمية فإنه يجوز للجنب في هذه الحالة أن يأتي بالتسمية مع كونها قرآنا ثانيهما: أن يقرأ آية قصيرة ليدعو بها لأحد أو ليثني بها على أحد كأن يقول: {رب اغفر لي ولوالدي} أو يقول: {أشداء على الكفار رحماء بينهم}

وكذا الحنفية يمنعون الجنب من تلاوة القرءان.

أما الحنابلة قالوا: يباح للمحدث حدثا أكبر بلا عذر أن يقرأ ما دون الآية القصيرة أو قدره من الطويلة.

وفي الإقناع:

ومن لزمه الغسل حرم عليه الاعتكاف وقراءة آية فصاعدا لا بعض آية ولو كرره ما لم يتحيل على قراءة تحرم عليه وله تهجيه والذكر وقراءة لا تجزئ في الصلاة لا سرارها وله قول ما وافق قرآنا ولو يقصده كالبسملة وقول الحمد لله رب العالمين وكآية الاسترجاع والركوب وله أن ينظر في المصحف من غير تلاوة ويقرأ عليه وهو ساكت.

وعلى ما تقدم:

فالقول بأن مذهب الأئمة الأربعة تحريم قراءة القرآن من الجنب فيه نظر، فيه نظر ..

وهم قطعا يخالفون من قال بجواز القراءة مطلقا.

وأنت أخي الحبيب تقول بالجواز مطلقا -كما يظهر من كلامك -،

فهل قلت ذلك بناء على دراستك للأقوال المختلفة ومعرفة أدلة كل فريق، ومن ثم أعملت آلة الترجيح لديك فقلت بالجواز مطلقا؟

أم أنك قرأت أبحاث المشايخ الألباني والعلوان والعدوي - وهم أسيادي - فاقتنعت بقولهم؟

فإن كانت الأولى فلا تلزم غيرك بأن يرجح بين الأقوال وهو بعد ما زال في بداية الطريق ولا يملك آلة الترجيح ..

وإن كانت الثانية فقد قلدت المشايخ الألباني والعلوان والعدوي، وليس تقليدك إياهم بأولى من تقليد غيرك للمشايخ ابن باز وابن عثيمين وابن جبرين والفوزان - فضلا عن الأئمة الأربعة -.

فما هو واجبي وواجبك نحو هذه الأقوال بارك الله فيك؟؟؟

هل نتخير ما نشاء ونعمل به , أم ننظر في آدلة كل قول؟؟؟

لا نتخير ما نشاء ونعمل به، بل نسأل أهل العلم ونعمل بقولهم إلى أن نملك القدرة على الترجيح ..

وكوننا ننظر في أدلة كل قول وما صارت لدينا القدرة على الترجيح فلا أدري ما وجهه، ومعنى هذا الكلام - أي ننظر في أدلة كل قول - أن نطلب ممن كان في بداية طلبه للعلم - مثلي - أن يتجه مباشرة إلى كتب الفقه المقارن ويدرسها ونقول له عليك بنيل الأوطار وغيره من كتب الفقه المقارن .. والظن أنك أخي الحبيب لا ترضى ذلك لطالب علم في بداية الطريق أن يتخبط ويتشتت، وفي النهاية يقلد الإمام الشوكاني في قوله.

وأضرب لك مثلا:

لو أن طالبا في بداية الطريق أراد دراسة الفقه، فاشترى بلوغ المرام ومعه أشرطة أحد المشايخ، وبدأ في الدراسة، فانظر إلى حاله:

سيجد الشيخ يستدل بأكثر من دليل - من كتاب وسنة وقياس ولغة وغير ذلك -،

مع ملاحظة أن الطالب لا يملك آلة الترجيح - فهو في بداية الطريق -، فلا هو درس أصول الفقه وقواعده، ولا درس النحو وعلوم العربية، ولا درس مصطلح الحديث - فضلا عن بقية علوم الحديث اللازمة مع الخبرة والدربة ليجتهد في التصحيح والتضعيف -، ولا درس التفسير وعلومه، وقد يكون ما انتهى بعد من تجويد القرءان.

فمن الطبيعي أن ينبهر بالأدلة ويقتنع أن قول الشيخ هو الصواب، ومن ثم صار يقلد الشيخ ..

فما رأيك بهذا المثل؟

أرجو أن تحمل كلامي على أحسن ما يكون، فإنني لم أرد إساءتك وأنت أخي الحبيب ..

وجزاك الله خيرا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير