فقال له صاحبه: إنه كان فيلسوفا ادعى المرتبة العظمى، والمنزلة الكبرى، وأتى على ذلك بمعجزات بهرت العقول، وضلت فيها الأحلام، وغاصت الألباب على طلب علمها في بحار الفكر، فرجعت خاسئات، وهي حسر، فلما استجاب لدعوته العقلاء والفصحاء والخطباء، دخل الناس في دينه أفواجا، فقرن اسمه باسم ناموسه، فصار يهتف به على رؤوس الصوامع، في جميع البلدان والمواضع، التي انتهت إليها دعوته، وعلتها كلمته، وظهرت فيها حجته برا وبحرا، سهلا وجبلا، في كل يوم وليلة خمس مرات مرددا في الأذان والإقامة، ليتجدد في كل ساعة ذكره، ولئلا يخمل أمره.< o:p>
فقال (ابن أبي العوجاء): دع ذكر محمد (صلى الله عليه وعلى آله) فقد تحير فيه عقلي، وضل في أمره فكري.
وحدثنا في الأصل الذي نمشي له. . . ثم ذكر ابتداء الأشياء، وزعم ذلك بإهمال لا صنعة فيه ولا تقدير، ولا صانع ولا مدبر، بل الأشياء تتكون من ذاتها بلا مدبر، وعلى هذا كانت الدنيا لم ولا تزال! < o:p>
( محاورة المفضل مع أبي العوجاء) < o:p>
( قال المفضل):< o:p>
فلم أملك نفسي غضبا وغيظا وحنقا، فقلت:< o:p>
يا عدو الله ألحدت في دين الله، وأنكرت الباري جل قدسه الذي خلقك في أحسن تقويم، وصورك في أتم صوره، ونقلك في أحوالك حتى بلغ حيث انتهيت. فلو تفكرت في نفسك وصدقك لطيف حسك، لوجدت دلائل الربوبية وآثار الصنعة فيك قائمة، وشواهده جل وتقدس في خلقك واضحة، وبراهينه لك لائحة.< o:p>
فقال:< o:p>
يا هذا إن كنت من أهل الكلام كلمناك، فإن ثبتت لك حجة تبعناك، وإن لم تكن منهم فلا كلام لك، وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا تخاطبنا، ولا بمثل دليلك تجادل فينا، ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش خطابنا، ولا تعدى في جوابنا وأنه الحليم الرزين، العاقل الرصين، لا يعتريه خرق، ولا طيش ولا نزق يسمع كلامنا، ويصغي إلينا ويتعرف حجتنا، حتى إذا استفرغنا ما عندنا، وظننا قطعناه، دحض حجتنا بكلام يسير، وخطاب قصير، يلزمنا الحجة، ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه ردا، فإن [كنت] من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه.< o:p>
( سبب إملاء الكتاب) < o:p>
قال المفضل: فخرجت من المسجد محزونا مفكرا فيما بلي به الإسلام وأهله من كفر هذه العصابة وتعطيلها، فدخلت على مولاي (عليه السلام) فرآني منكسرا فقال: ما لك؟ فأخبرته بما سمعت من الدهريين وبما رددت عليهما.< o:p>
فقال: يا مفضل لألقين عليك من حكمه الباري وعلا وتقدس اسمه في خلق العالم، والسباع، والبهائم، والطير، والهوام، وكل ذي روح من الأنعام والنبات، والشجرة المثمرة، وغير ذات الثمر والحبوب، والبقول، المأكول من ذلك وغير المأكول، ما يعتبر به المعتبرون ويسكن إلى معرفته المؤمنون، ويتحير فيه الملحدون فبكر علي غدا
التوحيد - المفضل بن عمر الجعفي - ص 5 - 8
طبعاً، لا يخفى ان كتاب التوحيد للمفضل من المصادر الشيعية القديمة ... ولكن العبرة من سلوك جعفر بن محمد الصادق للجميع
العبرة، اجتناب الفحش في الخطاب، التحلي بالحلم، والتزين بالرصانة
حسن الاصغاء، ومخاطبة العقلاء بادلة باهرة و براهين ساطعة
وإن كنت من أصحاب جعفر بن محمد الصادق فما هكذا تخاطبنا، ولا بمثل دليلك تجادل فينا، ولقد سمع من كلامنا أكثر مما سمعت، فما أفحش خطابنا، ولا تعدى في جوابنا وأنه الحليم الرزين، العاقل الرصين، لا يعتريه خرق، ولا طيش ولا نزق يسمع كلامنا، ويصغي إلينا ويتعرف حجتنا، حتى إذا استفرغنا ما عندنا، وظننا قطعناه، دحض حجتنا بكلام يسير، وخطاب قصير، يلزمنا الحجة، ويقطع العذر، ولا نستطيع لجوابه ردا، فإن [كنت] من أصحابه فخاطبنا بمثل خطابه.المزيد من النصوص الموافقة) و (المخالفة) ... بانتظار مشاركات الاعضاء
تحياتي
ـ[أبو أدهم السلفي]ــــــــ[26 - 08 - 09, 09:10 م]ـ
إثبت العرش ثم أنقش.
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[26 - 08 - 09, 09:14 م]ـ
اخي ابوادهم السلفي ...
انا وانت هنا لنثبت العرش وننقش ... :)
اليس كذلك؟
ـ[أبو أدهم السلفي]ــــــــ[27 - 08 - 09, 12:09 ص]ـ
نعم أخي و لكن نشترط الإستدلال من كتب معتبرة, لا من كتب الروافض, ما أدراك أن هذه القصة حصلت أصلا, حتى نضع أيدينا على موطن الشاهد. عموما أبشر.
ـ[د. محمد العطار]ــــــــ[27 - 08 - 09, 04:12 ص]ـ
الكتاب -على اقل تقدير- وثيقة تاريخية يمكن الإستدلال عليها على الحالة الفكرية آنذاك ... ثم ان الكتاب ليس فيه غير بيان عظمة الله في خلقه ... وجواب لطيف على منكري الخالق آنذاك ... ولم اجد فيه ما يختلف عليه الشيعة والسنة سواء ...
والعبرة من الحكاية ليست الا فوله تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) ...
سورة النحل الآية 125
والحقيقة، اني تعمدت نقل هذا النص بدايةً، لـ (إسخان الموضوع):) ... ولعلنا بالنقاش نصل لساحل الامان ...
تحياتي
¥