تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[تنوير الطلاب .. بتحرير أسباب العلم .. من كتاب رب الأرباب]

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 09:20 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم ..

الحمد لله الذي حكم لأهل العلم على من سواهم فقال"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" .. والصلاة والسلام على إمام العلماء القائل "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين" .. وعلى آله وأصحابه الميامين .. والتابعين لهم بإحسان من حملة العلم والمجاهدين

أما بعد .. فهذا سِفر كتبته بعون اللطيف .. اقتبسته من نور الكتاب .. وأمليته عن الفؤاد إلا في مواضع نادرة اقتضتني دقة النقل فيها أن أرجع لمصادرها .. وعلى الله في ذلك العماد

وهو الهادي سبحانه إلى سبيل الرشاد

وقصدت به أن يكون ذخيرة لإخواني من طلبة العلم -وإن كنت والله عيّلا عليهم-ليكون زادا لي إذا وافتني المنية في الحج ..

جمعت فيه بين شرائط العلم وأسبابه .. ولطائف معارف وفرائد فوائد .. مقتصرا على مرجع وحيد هو كتاب الله عز وجل في تقرير الأصول مستعينا بالسنة وكلام السلف .. ليكون عمدة في انتهاج هذا المنحى في استخراج اللآليء من كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .. وعدّة للطالب في المسير .. بحيث تكون أمّات هذا المبحث مستحضرة في ذهنه وأضواء الطريق منتشرة من حوله .. بمحفوظه من الآيات .. ولم أعز الشواهد من السنة إلى مصادرها استغناء بصحتها ..

عن عزوها ..

والله المستعان وعليه التكلان

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 09:28 م]ـ

*"واتقوا الله ويعلمكم الله"

رتّب العلم على التقوى .. لأن حقيقة العلم نور يقذفه الله في الصدور ..

وليس هو مجرد حفظ مدونات السطور ..

وكرر لفظ الجلالة .. مع أن المعهود في التكرار إذا خلا عن سبب وجيه ..

خروج عن البلاغة .. وإملال للأذن ..

فلو قال أحد: واتقوا الله ويعلمكم .. لم يلحن في ذلك ..

ولكنه سبحانه كرر اسمه الشريف .. تنبيها على علاقة العلم بالتقوى ..

فكأن الله أراد أن يقول .. اتقوا الله .. لأن من تتقونه هو ذاته الله الذي يعلمكم ..

فثم من يقول .. إن الواو .. لا تتضمن ترتيبا .... بحجة أنها للعطف وليس من معانيها الترتيب كالفاء وهذا صحيح من حيث الأصل

قال شيخ الإسلام في الفتاوى (قد يقال: العطف قد يتضمن معنى الاقتران والتلازم .. كما يقال: زرني وأزورك وسلم علينا ونسلم عليك ونحو ذلك .. إلى أن يقول رحمه الله تعالى (فقوله "واتقوا الله ويعلمكم الله قد يكون من هذا الباب فكل من تعليم الرب وتقوى العبد يقارن ذلك ويلازمه ويقتضيه فمتى علمه الله العلم النافع اقترن به التقوى بحسب ذلك ومتى اتقاه زاده من العلم وهلمّ جرا) انتهى)

والناظر في علم الصحابة .. يعلم أن سببه الأعظم بعد شرف استقائهم من معين المعصوم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - .. الورع والتقوى الفريدان .. فلم يكن ابن عباس أو ابن مسعود رضي الله عنهما أو غيرهما من فقهاء السلف .. يحفظون المتون العلمية والمصنفات الضخمة كما هو حال المتأخرين سوى ما معهم من كتاب وسنة ..

وقد قرن الله بين الأمر بالتقوى والأمر بالعلم في غير موضع كقوله "واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم" تأكيدا على المعنى السابق

ـ[أبو القاسم المقدسي]ــــــــ[22 - 12 - 06, 09:31 م]ـ

"إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء"

قال الإمام أحمد مقتبسا من نور الآية: أصل العلم الخشية ..

وقد وصف الله تعالى أنبياءه عليهم الصلاة والسلام فقال"الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله"

وثبت عن خاتمهم صلى الله عليهم وسلم أنه قال للثلاثة المتنطعين: أما إني أتقاكم لله وأخشاكم له

فليس غريبا أن تكون الخشية من أخص خصائص ورثتهم الحقيقيين وهم العلماء الربانيون

والمتأمل في اختصاص ذكر الخشية بالعلماء .. دون غيرها .. يقع على السبب

فلم يقل سبحانه: إنما يرجو الله من عباده العلماء .. وما قال: إنما يحب الله من عباده .. ولا غير ذلك ..

لأن الخشية منزلة تجعل من طالب العلم .. لا أقول عاملا بما يعلم فحسب .. بل داعيا غيره ..

آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر .. دون مخافةٍ في الله لومة لائم

وهذه صفة العالم الرباني

ولأن العلم بالخالق .. وأسمائه وصفاته .. يورث مراقبته .. وقدره سبحانه حق قدره .. وهذه حقيقة الخشية ..

وبالعكس .. فإن خشيته سبحانه .. تورث عناية من الله تعالى بعبده .. يرزق بها مزيدا من العلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير