تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بأولئك العلماء الذين طلبوا العلم داخل نجد وخارجها، ثم قاموا بواجبهم الشرعي في الفتيا والتدريس والكتابة وغيرها. كما ظهر ذلك في المجموعات الخطية العائدة إلى تلك الفترة، وما تضمنته من تملكات ووقفيات وشروح وحواش ومعلومات شخصية تتضمن ميلاد بعض الأعيان والأعلام النجديين أو وفاته، أو رصد بعض الحوادث وغيرها.

وبالإضافة إلى ما سبق، فقد كان من مظاهر نشاط العلماء خلال تلك الفترة، عنايتهم بجمع الكتب ونسخها، واتاحة الاستفادة منها لطللبة العلم وعامة الناس. وكان للنساخ حينذاك دور مهم يماثل دور الناشرين في هذا العصر أو أكثر، لأن نسخ الكتب كان له أعظم الأثر في نشرها، وتعدد نسخها المتداولة بين الناس. ولإدراك عدد من العلماء أهمية مهنة نسخ الكتب في نشر العلم، لكونها مصدر رزق جيد، فقد حرصوا على احتراف هذه المهنة، وتوريثها أبناءهم وتلاميذهم من بعدهم.

ومن أشهر المكتبات الشخصية قبل قيام دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب: مكتبة الشيخ أحمد بن يحيى بن عطوة، ومكتبة الشيخ عبدالله بن محمد بن ذهلان، ومكتبة الشيخ أحمد بن محمد المنقور، ومكتبة الشيخ عبدالله بن إبراهيم بن سيف التي اطلع عليها الشيخ محمد بن عبدالوهاب، ومكتبة آل إسماعيل، ومكتبة الشيخ إبراهيم بن سليمان بن علي، ومكتبة الشيخ عبدالله بن عضيب، ومكتبة عبدالله بن أحمد بن سحيم، ومكتبة التركي، وغيرها من المكتبات. وعلى الرغم من أن هذه المكتبات لا تعدو أن تكون خزانات كتب شخصية، ولا ينطبق عليها مفهوم المكتبات في الوقت الحاضر من حيث تخصيص أماكن واسعة لها، فإن سهولة الحياة العامة وبساطتها في تلك الفترة، والحرص على الاستفادة الكامل من الكتب، جعلها تشكل مصدراً مهماً لطلب العلم، وتقوم بدور قوي في تنشيط الحركة العلمية، وهو ما لا تستطيع القيام به بعض المكتبات في الوقت الحاضر.

ونتيجة لقيام التحالف بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب على نشر الدعوة السلفية، وتوافر القوة العسكرية لهذه الدولة الناشئة والرخاء المادي، زاد الحرص على العلم، وتوافد طلبة العلم على الدرعية للدراسة على علمائها، والاستفادة منهم، وقاموا بنسخ الكتب، وتدوين شروح شيوخهم وتعليقاتهم على حواشيها، وعند مغادرتهم للدرعية ينقل هؤلاء الطلبة كتبهم وما نسخوه إلى بلدانهم.

وقد استمرت حركة النهضة العلمية في نجد، ونسخ الكتب واقتناؤها، حتى سقوط الدرعية في سنة 1233ه - 1818م على يد إبراهيم باشا. فقد كان من نتيجة ذلك الحدث توقف النشاط العلمي ولو لفترة قصيرة، والقضاء على كثير من الانجارات العلمية التي حفلت بها الفترة السابقة. كما نتج عن سقوط الدرعية، تدمير ما كان موجوداً من خزانات الكتب، وانتقال نسخ كثيرة من المخطوطات إلى خارج حدود نجد، أو فقدانها، أو تلفها.

وتحاول هذه الدراسة الأولية الإجابة عن مصير هذه المخطوطات، وذلك بتتبع مصير بعضها، وما آلت إليه، وذلك عن طريق البحث في المصادر ذات العلاقة وخصوصاً الوثائق المتوافرة، وكذلك متابعة ما هو موجود منها داخل حدود المملكة أو خارجها، وسوف نعرض فيما يأتي العوامل التي كانت لها علاقة مباشرة بانتقال الكتب والمخطوطات خارج نجد، وهي:

أولاً: الحملات العسكرية العثمانية ودورها في فقدان المخطوطات النجدية

كلف كل من السلطان سليم الثالث (1203 - 1222ه - 1789 - 1807م) وبعده السلطان مصطفى الرابع (1222 - 1223ه - 1807 - 1808م) وبعدهما السلطان محمود الثاني (1223 - 1255ه - 1808 - 1829م) والي الدولة العثمانية على مصر محمد علي باشا (1220 - 1264ه - 1805 - 1828م) بمحاربة الدولة السعودية الأولى، واستجابة لتلك الأوامر أرسل حملة عسكرية بقيادة ابنه أحمد طوسون باشا إلى الحجاز، ونظراً لعدم استطاعة ابنه استعاد الحجاز بالكامل فقد حضر هو بنفسه إلى الحجاز لدعم الحملة، وتحقيق أهدافها في القضاء على الدولة السعودية. وفي عام 1231ه / 1816م أوكل مهمة الحملة إلى ابنه الأكبر إبراهيم باشا، الذي استطاع أن ينجز هذه المهمة بنجاح.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير