هذا هو الذي نراه راجحاً صحيحاً، وبه نعلم أنه لا يمكننا تكذيب من نقل ميلاد عيسى عليه السلام في الشتاء، بل هو الأقرب للصواب؛ لأنه ليس موسماً للرطَب، لكن هذا القول ليس متفقاً عليه عند النصارى، ولا عند المسلمين، وسنذكر فيما يلي عمَّن يرجِّح خلاف ما رجحناه، ويذكر الخلاف عند النصارى في تحديد ميلاد عيسى عليه السلام.
قال الأستاذ محمد عزت الطهطاوي:
هل وُلد المسيح حقّاً في فصل الشتاء في 25 ديسمبر، كما يقول النصارى الغربيون، أو في يناير، كما يقول النصارى الشرقيون؟.
ورد في إنجيل " لوقا " حكاية عن ميلاد المسيح عليه السلام: " وكان في تلك الكورة رعاة متبدين، يحرسون حراسات الليل على رعيتهم، وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب حولهم، فخافوا خوفاً عظيماً، فقال لهم الملاك: " لاتخافوا، فها أنا أبشركم بفرح عظيم، يكون لجميع الشعب، إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح ".
(إنجيل " لوقا "، إصحاح 2، عدد 8 - 9 - 10 - 11).
ومعنى ذلك: أن يكون الميلاد في وقت يكون الرعي فيه ممكناً في الحقول القريبة من " بيت لحم " المدينة التي ولد فيها المسيح عليه السلام، وهذا الوقت يستحيل أن يكون في الشتاء؛ لأنه فصل تنخفض فيه درجة الحرارة - وخصوصاً بالليل - بل وتغطي الثلوج تلال أرض " فلسطين "، وجعْل عيد الميلاد للسيد المسيح في فصل الشتاء: لا أساس له إذاً، بل هو من مخترعات الوضاع يجعله في فصل الشتاء وفي هذه التواريخ المذكورة انفا.
ولندلل على ذلك بالاتي:
1 - يقول الأسقف " بارنز ": غالباً لا يوجد أساس للعقيدة القائلة بأن يوم 25 ديسمبر كان بالفعل ميلاد المسيح، وإذا ما كان في مقدورنا أن نضع موضع الإيمان قصة " لوقا " عن الميلاد مع ترقب الرعاة بالليل في الحقول قريباً من " بيت لحم "؛ فإن ميلاد المسيح لم يكن ليحدث في الشتاء حينما تنخفض درجة الحرارة ليلاً وتغطي الثلوج تلال أرض اليهودية، ويبدو أن عيد ميلادنا قد اتفق عليه بعد جدل كثير ومناقشات طويلة حوالي عام 300 بعد الميلاد.
كتاب " ظهور المسيحية " للأسقف بارنز.
2 - وهذا الرأي الذي ذهب إليه الأسقف " بارنز " قد استمده الذين كتبوا بيانات عن عيد الميلاد في " دائرة المعارف البريطانية "، ودائرة " معارف شاميرز "، فقد ورد في الطبعة الخامسة عشرة من المجلد الخامس في الصفحة (642، 643 أ) من " دائرة المعارف البريطانية " ما يلي: " لم يقنع أحد مطلقاً بتعين يوم أو سنة لميلاد المسيح - ولكن صمم آباء الكنيسة في عام 340 بعد الميلاد على تحديد تاريخ للاحتفال بالعيد - اختاروا بحكمة يوم الانقلاب الشمسي في الشتاء، الذي استقر في أذهان الناس، وكان أعظم أعيادهم أهمية، ونظراً إلى التغيرات التي حدثت في التقاويم: تغير وقت الانقلاب الشمسي، وتاريخ عيد الميلاد بأيام قليلة ".
3 - ورد في دائرة " معارف شاميرز " الآتي: " كان الناس في كثير من البلاد يعتبرون الانقلاب الشمسي في الشتاء يوم ميلاد الشمس، وفي روما كان يوم 25 ديسمبر يحتفل فيه بعيد وثني قومي - ولم تستطع الكنيسة أن تلغي هذا العيد، بل باركته، كعيد قومي لشمس البر ".
4 - يقول " بيك " من علماء تفسير الكتاب المقدس: " لم يكن ميقات ولادة المسيح شهر ديسمبر على الإطلاق، فعيد الميلاد عندنا قد بدأ التعارف عليه أخيراً في الغرب.
" تفسير الكتاب المقدس " للدكتور بيك (ص 727).
5 - هناك دليل تاريخي ثابت موثوق به يوضح أن المسيح ولد في شهر أغسطس، أو سبتمبر، فقد كتب الدكتور جون د. أفيز في كتابه " قاموس الكتاب المقدس " تحت كلمة " سنة ": أن البلح ينضج في الشهر اليهودي أيلول، كما ورد في صفحة (117) من كتاب " تفسير الكتاب المقدس " لـ " بيك " العبارة الاتية: " إن شهر أيلول يطابق عندنا شهر أغسطس، وسبتمبر ".
6 - ويقول الدكتور " بيك " في مناقشة " جون ستيوارت " لمدونة " من معبد انجورا ": وعبارة وردت في مصنف صيني قديم، يتحدث عن رواية وصول الإنجيل للصين سنة 25 – 28 ميلادية، حيث حدد ميلاد المسيح في عام 8 قبل الميلاد، في شهر سبتمر، أو أكتوبر، وحدد وقت الصلب في يوم الأربعاء عام 24 ميلادية.
النتائج التي تستخلص مما تقدم:
¥