تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بيانا لما نقلتم من كلام الحبر ابن تيمية، لا بد من التنبيه على أمور - أظنها لا تخفى عليكم -، ألا و هي:

أولا: أن الشيخ في معرض نقل الأقوال، لا تقريرها ..

و الشيخ رحمه الله لما يورد خلاف الناس في الملامسة و نحوها من الألفاظ المجملة، إنما يورها في سياق المحاجة و الإلزام، و قد رأينا كثيرا من أهل البدع ينقلون عن الشيخ – بحسن قصد أحيانا قليلة، و بسوء قصد أحيانا كثيرة – ما يذكره الشيخ على سبيل الإلزام للمخالفين، دفعا لاعتراضاتهم في سبيل نفي الصفات الحقة، بل وقع في هذا بعض أهل السنة .. و التفصيل في موضعه.

ففرق بين ما يذكر تقريرا للمسألة، احتجاجا لها بالكتاب و السنة، و ما يذكر في مقام الإلزام و الرد، هذا من جهة.

و من جهة أخرى، فشيخ الإسلام رحمه الله معروفةٌ قاعدتُه في باب الألفاظ التي لم ينطق بها كتابٌ و لا سنةٌ، مما قد توهِم نقصًا، أو تستعملُ على معاني باطلة للتوصل إلى نفي ما ثبت كونه صفة للباري جل و علا، لا سيما إذا كانت من ابتداع المتكلمين و اختراعاتهم، كالحيز و الجهة و الجسم و المباينة و الحركة و الحد، و من ذلك اللمس و المس و الملامسة.

فهذه الألفاظ مجملة، ينبغي الوقوف على مراداتهم فيها.

و لا بد هنا من التنبيه إلى أن كثيرا من هذه الألفاظ يحتاج إلى بحث مستقل، تنقل فيها تعريفات القوم و مراداتهم منها، فإنها كانت سبيلا لهم لنفي حقيقة صفة اليد و القدم و الاستواء و العلو و النزول، و رؤية الباري، بل لنفي جميع الصفات الثابتة لله في الكتاب و السنة:

كذلك أقول – و هو موجه للأخ هيثم وفقه الله -:

ينبغي التفريق بين الممازجة و المماسة، فالممازجة المقتضية للحلول منفية عن الله، لأنه ليس شيء من ذاته في خلقه و لا شيء من خلقه في ذاته، بخلاف معنى المماسة التي أثبتها أكثر أهل السنة هي من النصوص القرآنية و الآثار النبوية، فالقبض و الطي و خلق آدم بيده وكتابة التوراة باليد و غرس الجنة، كلها تدل على المباشرة للفعل.

و المماسة بهذا المعنى ليس فيها محذور كما بين شيخ الإسلام في مواضع من بيان تلبيس الجهمية.

ففرق بين الملامسة و بين الممازجة، فالممازجة تقتضي الملامسة و لا بد، بخلاف الملامسة فلا تقتضي الممازجة.

كذلك أقول:

لو اعتقد السني أن الله تعالى خلق آدم بيده و كتب التوراة بيده و هكذا غيرهما مما جاءت به النصوص، من غير أن يذكر مماسة و لا غيرها، لكان هذا كافيا اتباعا للطريقة السلفية، من حيث الوقوف على ما جاءت به النصوص.

و أما مع النفاة للصفات، المنكرين لها، فأولئك يكون الكلام معهم بأسلوب آخر، كما هو معلوم.

و هذا لفظ المباينة - مثلا – و هو يقابل المماسة عند قومٍ، عندهم له أربعُ معانٍ، بينها ابن تيمية في المجموع 5/ 279 - 282

فقال: (واعتراض المنازع على هذا يكون بعد بيان معنى المباينة فان أهل الكلام والنظر يطلقون المباينة بازاء ثلاثة معان بل أربعة:

أحدها: المباينة المقابلة للماثلة والمشابهة والمقاربة.

والثانى المباينة المقابلة للمحايثة والمجامعة والمداخلة والمخارجة والمخالطة.

والثالث المباينة المقابلة للمماسة والملاصقة فهذه المباينة أخص من التى قبلها فان ما باين الشى فلم يداخله قد يكون مماسا له متصلا به وقد يكون منفصلا عنه غير مجاور له هذه المباينة الثالثة ومقابلها تستعمل فيما يقوم بنفسه خاصة كالأجسام فيقال هذه العين اما ان تكون مماسة لهذه واما أن تكون مباينة واما المباينة التى قبلها وما يقابلها فانها تعم ما يقوم بنفسه وما يقوم بغيره والعرض القائم بنفسه ليس مباينا له ولا يقال أنه مماس له فيقال هذا اللون اما أن يكون مباينا لهذه العين أو لهذا الطعم واما أن يكون محايثا له مجامعا مداخلا و نحو ذلك من العبارات.

وان استعمل مستعمل لفظ المماسة والملاصقة فى قيام الصفة بموصوفها كان ذلك نزاعا لفظيا وأما النوع الأول فكما يروى عن الحسن البصرى أنه قال رأيناهم متقاربين فى العافية فاذا جاء البلاء تباينوا تباينا عظيما أى تفاضلوا وتفاوتوا ويقال هذا قد بان عن نظرائه أى خرج عن مماثلتهم ومشابهتهم ومقاربتهم بما امتاز من الفضائل ويقال بين هذا وهذا بون بعيد وبين بعيد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير