[منهج الحافظ عماد الدين ابن كثير في كتاب «اختصار علوم الحديث»]
ـ[أبو زيد محمد بن علي]ــــــــ[23 - 03 - 10, 06:55 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد
توطئة:
لا شكَّ في أنّ اختصار ابن كثير لكتاب الحافظ ابن الصلاح يُعتبر من خير ألوان الاختصار وذلك بالنّسبة للمنهج الذي وضعه له والمسلك الذي سلكه فيه, فقد حافظ على المادَّة العلميّة محافظةً تامَّة وحافظ على الأمثلة التي ساقها والشواهد التي استدلَّ بها ولم يعدل عن ذلك إلا في حالات قليلة.
ولم يكن رحمه الله مختصراً فحسب وإنما استعان بها وسار على ضوئها فاختصر وأضاف وناقش وقبِلَ وردَّ.
وقد تكون اهمّ المسائل التي ناقش فيها ابن الصلاح وخالفه فيها: مسألة التصحيح والتحسين. وكذلك الرأي في مستدرك الحاكم وقول الترمذي: حديث حسن صحيح.
اسم الكتاب: طبع الكتاب باسم اختصار علوم الحديث ولم يذكر رحمه الله اسم الكتاب في المقدّمة التي قدَّم بها لكتابه لكن لم يُختلَف في أن اسمه كذلك.
مقدّمة المؤلِّف:
قدّم رحمه الله لكتابه بمقدّمة قصيرة بيّن فيها سبب اختصاره وأهميّة هذا العلم وبيان معالم المنهج الذي سار عليه في اختصاره للكتاب, فقال:
.. أما بعد:
فإنَّ علم الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام قد اعتنى بالكلام فيه جماعة من الحفاظ قديماً وحديثاً، كالحاكم والخطيب ومن قبلهما من الأئمة ومن بعدهما من حفَّاظ الأمة ولما كان من أهم العلوم وأنفعها أحببتُ أن أعلِّق فيه مختصراً نافعا جامعاً لمقاصد الفوائد ومانعاً من مشكلات المسائل الفرائد وكان الكتاب الذي اعتنى بتهذيبه الشيخ الإمام العلامة، أبو عمر بن الصلاح تغمَّده الله برحمته من مشاهير المصنفات في ذلك بين الطلبة لهذا الشأن وربما عُني بحفظه بعض المهرة من الشبان، سلكت وراءه و احتذيت حذاءه و اختصرت ما بسطه ونظمت ما فرطه وقد ذكر من أنواع الحديث خمسة وستين وتبع في ذلك الحاكم أبا عبد الله الحافظ النيسابوري شيخ المحدثين وأنا بعون الله أذكر جميع ذلك مع ما أضيف إليه من الفوائد الملتقطة من كتاب الحافظ الكبير أبي بكر البيهقي المسمى بالمدخل إلى كتاب السنن وقد اختصرته أيضاً نحو من هذا النمط من غير وكس ولا شطط والله المستعان و عليه الاتكال.اهـ
أهمّ معالم منهج الحافظ ابن كثير في الكتاب:
1 - لا ريب أن الحافظ ابن كثير قد أضاف إلى كتاب ابن الصلاح إضافاتٍ ذات بال فكان يبدؤها بقوله: (قلتُ). وقد بلغت هذه الإضافت نيّفاً وخمسين موضعاً:
- بعضها استدراك على ابن الصّلاح.
- وبعضها استدلال لآراء اقها ولم يُبرهِن عليها.
- وبعضها ذكرٌ لمؤلَّفاتٍ لم يعرض لها ابن الصلاح.
- وبعضها كلام عن مؤلَّفات ظهرت بعده رحمه الله.
- وبعضها إضافات محضة لا تدخُل تحت شيء من الأمور السَّابقة. ولهذه الإضافات دلالات كثيرة فهي تدلّ على سعة اطلاع الرّجُل ورحابة أفقه ودقَّة نظره وشدّة تحرِّيه كما تدلّ على ملاحقته لتطوُّر الفنّ وما جدَّ من مؤلَّفاته ومبلَغ ما لها من فائدة.
*وقد ذكر الحافظ ابن كثير أنّ من منهجه في هذا الاختصار:
1 - أن يكون نافعاً جامعاً لمقاصد فوائده.
2 - ومانعاً من مشكلات المسائل الفرائد.
3 - وأنه سيضيف إليه من الفوائد الملتقطة من كتاب الحافظ الكبير أبي بكر البيهقي، المسمى بالمدخل إلى كتاب السنن.
4 - وأن اختصاره سيكون من غير إخلال جامعاً لما ذكره ابن الصلاح في كتابه من غير وكس ولا شطط. وقد وفَّى بذلك رحمه الله.
قيمة الكتاب وأهميّته:
تكمن قيمة الكتاب وأهميّته من حيث أن مختصره إمام كبير وحافظ من حفَّاظ الحدي الأمر الذي كتب لهذا الكتاب القبول والانتشار وما تميَّز به من ميزات كثيرة نذكر منها:
1 - التعقّبات.
2 - الشّرح والبيان.
3 - الفوائد الاستطرادية.
4 - التّرجيح في المسائل المبحوثة.
5 - النَّقل عن مشايخه.
6 - المناقشة والتوجيه.
7 - التوكيد والتأييد لكلام ابن الصّلاح.
8 - المباحث الأصولية التي عرض لها.
9 - الإحالة على مؤلفاته وتصانيفه.
10 - التنبيه على الأوهام التي وقع فيها غيره.
مراجع البحث: كتاب الإمام ابن كثير وأثره في علم الحديث تأليف: عدنان شلش. ومقدمة الشيخ علي الحلبي لطبعته من كتاب الباعث الحثيث.
طبعات الكتاب:
* طبع الكتاب وحقَّقه وشرحه الشيخ أحمد شاكر, وسمَّاه: الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث وطبعه في مكتبة ومطبعة محمد على صبيح وأولاده 1370 هـ.
ثم توالت طبعات الكتاب وتصويره.
- ثم طبعه الشيخ علي الحلبي في مجلّدين مع شرح الشيخ أحمد شاكر وتعليقات العلامة المحدث الشيخ الألباني في دار العاصمة ثم في مكتبة المعارف.
هذا المقال موجود في موقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها
http://hadethmasr.com/showthread.php?t=62 (http://hadethmasr.com/showthread.php?t=62)