تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذَلِكَ وتَرْكُ التَّفَرُّقِ الَّذِي هُو دِيْنُ المُشْرِكِيْنَ، أمْرَ نَبِيَّهُ صَلَّىَ الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ أنْ يَدْعُوَ لِهَذَا الدِّيْنِ القَوِيمِ والصِّرَاطِ المُسْتَقِيْمِ الَّذِيْ أنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ وأَرْسَلَ رُسُلَهُ، وأَنْ يَسْتَقِيْمَ على ذَلِكَ اسْتِقَامَةً لَا تَفْرِيْطَ فِيْهَا ولا إفْرَاط، بَلْ مُوَافَقَةٌ لِأَمْرِهِ تَعَالى، وبِهَذَا يَبْتَعِدُ عَنْ دِيَنِ المُشْرِكِيْنَ وأَهْوائِهِم، ومِثْلُ هَذَا المَعْنَى مَا جَاءَ في قَوْلِهِ بَعْدَ ذِكْرِ عَدَدٍ مِنَ الأنْبِيَاءِ عَلَيْهِم الصَّلاةُ والسَّلامُ: «أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ» (الأنعام: 90).< o:p>

بَلْ وفَرَضَ الله على عِبَادِهِ أنْ يَسْأَلُوْهُ الهِدَايَةَ إلى صِرَاطِهِ المُسْتَقِيْمِ، كَمَا قَالَ تَعَالى: «اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيْمَ. صِرَاطَ الَّذِيْنَ أنْعَمْتَ عَلَيْهِم غَيْرِ المَغْضُوْبِ عَلَيْهِم ولَا الضَّالِّيْنَ» (الفاتحة: 6 - 7)، وأيْضًا قَوْلُهُ تَعَالى: «وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18) إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ» (الجاثية: 17ـ20). وقَوْلُهُ تَعَالى: «اتَّبِعُوْا مَا أنْزِلَ إلَيْكُم مِنْ ربِّكُم ولا تَتَّبِعُوا مِنْ دُوْنِهِ أوْلِيَاءَ قَلِيْلًا مَّا تَذَكَّرُوْنَ» (الأعْرَافِ: 3).< o:p>

وهَذَا المَعْنَى كَمَا جَاءَ في القُرْآنِ الكَرِيْمِ جَاءَ في السُّنَّةِ المُتَمِّمَةِ لِلْقُرْآنِ والمَفَصْلَّةِ لَهُ، قَالَ العِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ السُّلَمِيُِ رَضِيَ الله عَنْهُ: وعَضَنَا رَسُوْلُ الله صَلَّىَ الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُوْنُ ووَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوْبُ، قُلْنَا يَا رَسُوْلَ الله: كَأنَّهَا مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ فَأَوْصِنَا! قَالَ: «أوْصِيْكُم بِتَقْوى الله والسَّمْعِ والطَّاعَةِ وإنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ بَعْدِيَ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيْرًا فَعَلَيْكُم بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ المَهْدِيِّيْنَ وعَضُّوْا عَلَيْهَا بِالنَّواجِذِ، وإِيَّاكُم ومُحْدَثَاتِ الأمُورِ فَإنَّ كُلَّ مُحَدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». في هَذَا الحَدِيْثِ أوْصَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: بِتَقْوى الله تَعَالى وبِالسَّمْعِ والطَّاعَةِ لِمَنْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ شَرْعًا.< o:p>

وعِنْدَ الاخْتِلَافِ أوْصَى بِأَمْرَيْنِ:< o:p>

1 ـ بالتِزَامِ سُنَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.< o:p>

2 ـ وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ، والعِضِّ على ذَلِكَ بِالنَّواجِذِ، وهُو كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ التَمَسُكِ بِذَلِكَ، وعَدَمِ الخُرُوْجِ عَنْ ذَلِكَ قَيْدُ أنْمُلَةٍ، قَالَ أبُو سُلَيْمَانَ الخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ الله في «شَرْحِ السُنَنِ» (7/ 12): «وإنَّمَا أرَادَ بِذَلِكَ الجَدَّ في لُزُوْمِ السُّنَّةِ فِعْلَ مَنْ أمْسَكَ الشَيء بَيْنَ أضْرَاسِهِ وعُضَّ عَلَيْهِ مَنَعًا لَهُ أنْ يُنْتَزَعَ، وذَلِكَ أشَدُّ مَا يَكُوْنُ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالشَّيْءِ إذَا كَانَ مَا يُمْسِكُهُ بِمَقَادِيْمِ فَمِهِ أقْرَبُ تَنَاوُلًا وأَسْهَلَ انْتِزَاعًا ... » أ. هِـ.< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير