تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كَمَا نَهَاهُ الله عَزَّ وجَلَّ عَنِ الرُّكُونِ إلى الكُفَّارِ ولَوْ شَيْئًا قَلِيْلًا، كَمَا قَالَ الله تَعَالى: «وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا» (الإسراء: 74ـ75)، وكَمَا قَالَ تَعَالى: «ولَا تَرْكَنُوا إلى الَّذِيْنَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ومَا لَكُم مِّنَ دُوْنِ الله أوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُوْنَ» (هُوْد: 113).< o:p>

بَلْ ونَهَاهُ الله تَعَالى عَنْ مُدَاهَنَةِ الكُفَّارِ، فَقَالَ تَعَالى: «فَلَا تُطِعِ المُكَذِّبِيْنَ ودُّو لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُوْنَ ولَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِيْنٍ» (القْلُمُ: 8 ـ10). قَالَ أبُوْ الفِدَاءِ ابْنُ كَثِيْرٍ (8/ 190): «كَمَا أنْعَمْنَا عَلَيْكَ وأَعْطَيْنَاكَ الشَّرْعَ المُسْتَقِيْمَ والخَلْقَ العَظِيْمَ: «فَلَا تُطِعِ المُكَذِّبِيْنَ ودُّو لَوْ تُدْهِنُ فَتَدْهِنُونَ»، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لو تُرَخِّصُ لهم فَيُرَخِّصُوْنَ، وقَالَ مُجَاهِدٌ: ودُّو لَوْ تَرَكْنَ إلى ألِهَتِهِم وتَنْزِلُ ... عَمَّا أنْتَ عَلَيْهِ مِنَ الحَقِّ» أ. هِـ. وقَالَ غَيْرُهُمَا: أيْ: تَوافِقُهُم على بَعْضِ مَا هُم عَلَيْهِ إمَّا بِالقَوْلِ أوْ بِالفِعْلِ أوْ بِالسُّكُوْتِ عَمَّا يَتَعَيَّنُ الكَلَامُ فِيْهِ فَيُدْهِنُوْنَ، ولَكِنْ أصْدَعْ بِأَمْرِ الله وأظْهِرْ دِيَنَ الإِسْلَامِ فَإنَّ تَمَامَ إظْهَارِهِ بِنَقْضِ مَا يُضَادُّهُ وعَيْبَ مَا يُنَاقِضُهُ أ. هِـ. مِنْ «تَيْسِيْرِ الكَرِيْمِ الرَّحْمَنِ» صَ (879).< o:p>

فَانْتَظَمَتْ هَذِهِ النُّصُوصُ الشَّرِيْفَةُ عَشْرَةَ أمُوْرٍ عَظِيْمَةٍ هِيَ: 1ـ الأَمْرُ بِالاسْتِقَامَةِ.< o:p>

2 ـ أنْ تَكُوْنَ هَذِهِ الاسْتِقَامَةُ وُفْقَ شَرَعِ الله، وذَلِكَ بِاتِّبَاعِ سَبِيلِهِ وتَرَكِ مَا سِواهُ.< o:p>

3 ـ العَضُّ على ذَلِكَ بِالنَّواجِذِ.< o:p>

4 ـ الاعْتِصَامُ بِذَالِكَ.< o:p>

5 ـ وذَلِكَ بِالحُكْمِ بِمَا أنْزِلَ الله، وعَدَمِ الحُكْمِ بِغَيْرِهِ، وحَتَّى ولَو كَانَ شَيْئًا يَسِيْرًا.< o:p>

6 ـ الرِّضَا بِذَلِكَ.< o:p>

7 ـ عَدَمُ التَّنَازُلِ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الشَّرْعِ.< o:p>

8 ـ التَّحْذِيْرُ مِنْ مُحْدَثَاتِ الأمُورِ والبِدَعِ، وأَنَّهَا ضَلَالَةٌ وكُلُّهَا في النَّارِ.< o:p>

9 ـ عَدَمُ الرُّكُونِ إلى الكُفَّارِ ولَوْ كَانَ شَيْئًا قَلِيْلًا، وعَدَمُ مُدَاهَنَتِهِم في ذَلِكَ.< o:p>

10 ـ سُؤَالُ الله تَعَالى الهِدَايَةَ، وأَنَّ هَذَا فَرْضٌ على كُلِّ شَخْصٍ، وأَنْ يُدِيْمَ ذَلِكَ ويُكَرِّرَهُ حَتَّى المَوْتِ. وهَذِهِ القَواعِدُ هِيَ أعْظَمُ قَواعِدِ الشَرِيعَةِ، بَلْ هِي الدِّيْنُ كُلُّهُ لأنَّ القَصْدَ مَنَ الدِّيْنِ تَحْقِيْقُ العُبُوْدِيَّةِ لله تَعَالى بِإفْرَادِهِ بِالعِبَادَةِ، وإثْبَاتِ مَا أثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ صِفَاتِ الكَمَالِ ونُعُوْتِ الجَلَالِ، وطَاعَتِهِ فِيْمَا أمَرَ والانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَى عَنْهُ وزَجَرَ، وهَذَا مَعْنَى شَهَادِةِ أنَّ لا إلَهَ إلَّا الله وأنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ الله، وعلى هَذَا سَارَ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُوْنَ والصَّحَابَةُ المَرْضِيُّوْنَ والتَّابِعُوْنَ لَهُم بِإحْسَانٍ، حَتَّى قَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ الله عَنْهُ: «والله لَوْ مَنَعُوْنِي عِقَالًا كَانُوْا يُؤَدُّوْنَهُ إلى رَسُوْلِ الله لَقَاتَلْتُهُم على مَنْعِهِ»، فَقَالَ عُمَرُ: فَو الله مَا هُوَ إلَّا أنْ رَأَيْتُ الله عَزَّ وجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أنَّهُ الحَقُّ» أخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيْثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ الله عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَتَبَةَ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ بِهِ.< o:p>

فَلَم يَتَنَازَلَ الصَّدِّيْقُ رَضِيَ الله عَنْهُ عَنْ شَيْءٍ كَانَ عَلَيْهِ رَسُوْلُ الله صَلَّىَ الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى ولَوْ كَانَ عِقَالًا، وهُوَ الحَبْلُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ البَعِيْرُ! < o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير