تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهَذَا المَعْنَى كَمَا جَاءَ في القُرْآنِ الكَرِيْمِ جَاءَ في السُّنَّةِ المُتَمِّمَةِ لِلْقُرْآنِ والمَفَصْلِّةِ لَهُ، قَالَ العِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ السُّلمِي رَضِيَ الله عَنْهُ: وَعَضَنَا رَسُوْلُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُوْنُ ووَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوْبُ، قُلْنَا يَا رَسُوْلَ الله: كَأنَّهَا مَوْعِظَةُ مُودِّعٍ فَأوْصِنَا! قَالَ: «أوْصِيْكُم بِتَقْوى الله والسَّمْعِ والطَّاعَةِ وإنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإنَّهُ مَنْ يَعِشْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيْرًا فَعَلَيْكُم بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ المَهْدِيِّيْنَ وعَضُّوْا عَلَيْهَا بِالنَّواجِذِ، وإِيِّاكُم ومُحْدَثَاتِ الأمُورِ؛ فَإنَّ كُلَّ مُحَدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ». في هَذَا الحَدِيْثِ أوْصَى عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: بِتَقْوى الله تَعَالى وبِالسَّمْعِ والطَّاعَةِ لِمَنْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ شَرْعًا.

وعِنْدَ الاخْتِلَافِ أوْصَى بِأمْرَيْنِ:

1ـ بالتِزَامِ سُنَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ.

2ـ وسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِيْنَ، والعَضِّ على ذَلِكَ بِالنَّواجِذِ، وهُو كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ التَمَسُكِ بِذَلِكَ، وعَدَمِ الخُرُوْجِ عَنْ ذَلِكَ قَيْدَ أُنْمُلَةٍ، قَالَ أبُو سُلَيْمَانَ الخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ الله في «شَرْحِ السُنَنِ» (7/ 12): «وإنَّمَا أرَادَ بِذَلِكَ الجَدَّ في لُزُوْمِ السُّنَّةِ فِعْلَ مَنْ أمْسَكَ الشَيء بَيْنَ أضْرَاسِهِ وعَضَّ عَلَيْهِ مَنَعًا لَهُ أنْ يُنْتَزَعَ، وذَلِكَ أشَدُّ مَا يَكُوْنُ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالشَّيءِ إذَا كَانَ مَا يُمْسِكُهُ بِمَقَادِيْمِ فَمِهِ أقْرَبُ تَنَاوُلًا وأسْهَلَ انْتِزَاعًا ... » أ. هِـ.

ومِثْلُ هَذَا المَعْنَى في الحَدِيْثِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالسُّنَّةِ والعَضِّ عَلَيْهَا مَا جَاءَ في قَوْلِهِ تَعَالى: «وَلَوْلَا أنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا» (الإسراء: 74ـ75)، ويُؤَكِّدُ هَذَا ـ ومَا جَاءَ في الأمْرِ الثَّاني ـ مِنْ تَحْذِيْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ لأمَّتِهِ مِنْ مُحْدَثَاتِ الأمُوْرِ مِنَ الأشْيَاءِ الَّتِي تُجْعَلُ دِيْنًا وهِيَ لَيْسَتْ مِنْهُ، ولِذَا قَالَ تَعَالى: «يَا أيُّهَا الَّذِينَ أمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أعْدَاءً فَألَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (آل عمران: 102ـ 103). فَأمَرَ الله تَعَالى عِبَادَهُ بِتَقْوَاهُ حَقَّ تُقَاتِهِ وألَّا يَمُوْتُوْا إلَّا وهُم مُسْلِمُوْنَ، وهَذَا لَا يَكُوْنُ إلَّا بِالاعْتِصَامِ الكَامِلِ بِحَبْلِ الله تَعَالى، وعَدَمِ التَّفَرُّقِ، ومَعْرِفَةِ عَظَمِ نِعْمَةِ الإسْلَامِ الَّذِي هَدَاهُم إلَيْهِ، ولِذَا أمَرَ الله تَعَالى نَبِيَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِالحُكْمِ بِمَا أنْزِلَ إلَيْهِ كَمَا نَهَاهُ عَنِ التَّنَازُلِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ قَالَ الله تَعَالى: «وَأنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا أتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أنْزَلَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير