تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[طالب العلم .. والسيارة ..... (الاستفادة القصوى)]

ـ[أحمد الحربي (أبو معن)]ــــــــ[25 - 01 - 07, 05:46 م]ـ

مرحباً بكم يا سادة يا كرام، وسلامٌ من الله عليكم ورحمة منه وبركة

طالب العلم، وما أدراك ما طالب العلم .. هو من أشد الناس عناية بالوقت، فالوقت بالنسبة إليه رأس ماله في الدنيا. ولئن كان كثيرٌ من الناس يُزجي وقته في لهو ولعب؛ فإن طالب العلم يقضيه ما بين علمٍ ودرس، ولئن كان فئامٌ من الناس يقتلون أوقتاتهم بطريقة مخالفة؛ فإن طالب العلم يُذكِّيه الذكاة الشرعية الصحيحة ..

ورحم الله أمير الشعر والشعراء في هذا العصر، حيث يقول:

دقات قلب المرء قائلة له


إن الحياة دقائق وثوانِ
دقيقة على دقيقة، وثانية على ثانية، تتكون منها الأيام والشهور والأعوام، وتتكوّن منها الأعمار ..

لذا .. فإن طالب العلم يستفيد من وقته، كيفما شاء، وفي أي مكان يكون، بالطريقة المناسبة، وبالأسلوب الأمثل ..

موضوع مثل هذا كبير وعظيم، لم يُغفله العلماء ولا من دونهم في الطبقات، فقد ألّفوا فيه التآليف، وصنفوا في العناية به المصنفات، حتى قال أحدهم " من اشتغل عن العلم بشراء بصلة لم ينل العلم " في كلمة نحوها .. فلله درهم.

غير أنني في صدد الحديث عن جزء من أجزائه، وحالة من الكثير من حالاته .. أعني؛ حين يكون طالب العلم في سيارته ..

من الجدير بالذكر؛ التنويه إلى أنني لست من طلاب العلم، وقد نوّهتُ عن هذا كثيراً (في الساحات)، لسببين اثنين، الأول لأن هذا واقعي المؤلم، وحاضري المُوجع .. والثاني لئلا يُؤخذ طلاب العلم بجريرة العامي، فيُحسب عليهم وليس منهم، فيقدح المغرض فيهم بسبب ذلك العامي، لظهوره بمظهرهم، وتطلّسه بطيلسانهم، وتقليدهم في مِشيتهم، ولكن حين يُعلم أنه ليس منهم، واعترافه بذلك بلسان الحال والمقال، وإنما محبٌّ لهم، لا يعدو ذلك؛ لم يجد المغرض ما يسوّد به صفحاته بالطعن فيهم! مستشهداً بذلك العامي .. ولذلك ـ فالشيء بالشيء يُذكر ـ لا أعد نفسي من طلاب ذلك الشيخ الجليل؛ محمد أمان الجامي رحمه الله وبرد مضجعه، وإن كنتُ درست عليه شيئاً من الطحاوية والواسطية والتدمرية والآجرومية وقرة عيون الموحدين، لأنني لم أواصل في طلب العلم، واتجهتُ إلى الشعر والتقنية، فكنتُ كبني اسرائيل حين استبدلتْ البصل والثوم بالمن والسلوى .. فلذا لا أريد أن أُنسب في طلابه فأكون سُبّة عليه .. فلقد تبدّلت أحوالي، حتى ليس لي من طلب العلم إلا عبق الذكريات ..

هذا، وإن كل مسلمٍ يسعى إلى الأجر بكل طريق صحيح، وبذلك سعيت هنا بهذا الموضوع ..

يحتاج طالب العلم إلى السيارة في قضاء بعض حاجياته، فكيف يستفيد من وقته في هذه الحالة؟ من حين ركوبه سيارته إلى أن يصل إلى غرضه ..

يجدر بطالب العلم أن يزوّد سيارته بوقود علميٍّ جيد، أعني بالكتب والأشرطة، حتى يستفيد من وقته ..

يخرج طالب العلم من منزله متوجِّهاً إلى سيارته، يدخل السيارة ويُدير المحرك، هنا تحتاج السيارة إلى بعض الوقت، من أجل الإحماء والاستعداد للانطلاق، هنا يفتح طالب العلم الموفق كتاباً، ليقرأه، حبذا لو كان من أمهات السنن كصحيح البخاري ومسلم وغيرهما، أو متناً من المتون العلمية، والسبب في اختيار هذين النوعين من العلم، هو إمكان استيعاب المعلومة، فالأحاديث ليست بطويله، وكذلك فقرات المتن .. فبالإمكان إنهاء الحديث أو فقرة من فقرات المتن كاملة، في ذلك الوقت القصير .. أما لو قرأ كتاباً آخر، ذا فقرات مترابطة، فإن الفائدة تقلّ لانعدام اكتمال الموضوع .. بخلاف الأحاديث والمتون ..

ينطلق طالب العلم باسم الله وحفظه ورعايته .. وفي الطريق، يكون طالب العلم بين خياراتٍ كثيرة، بين مراجعة واستماع وذكر ..

فهو بين مراجعة محفوظاته؛ من القرآن أو السنة أو المتون ..

أو استماع؛ للشروحات العلمية المسجّلة، أو لبرامج إذاعة القرآن الكريم التي تحوي على شروح، كبرنامج الشيخ عبدالكريم الخضير في التجريد الصريح لأحاديث الصحيح وهذا يأتي يوم الثلاثاء عند الساعة الواحدة ظهراً تقريباً، أو لبرنامج الشيخ عبدالرحمن السديس في شرح أصول الفقه، ويأتي عصراً، ولكني نسيت اليوم الذي يأتي فيه، لعل أحد من الإخوة يفيد في هذا، وكبرنامج للمفتي العام آل الشيخ يشرح فيه متناً، وكبرنامج للشيخ صالح الفوزان، أيضاً يشرح متناً من المتون، نسيت متنيهما اللذان يشرحانه والوقت الذي يأتيان فيه ..

أو ذكر عام .. بين تسبيح وتحميد وتهليل ..

يقف طالب العلم عند الإشارة الضوئية، أو عند ازدحام شديد، لا تتحرك فيه السيارات إلا ذراعاً أو نصف ذراع، وهنا يُخرج كتابه ويقرأ ..

يذهب طالب العلم لإصلاح سيارته أو صيانتها، ولا يتطلب الإصلاح أو الصيانة؛ المغادرة إلى منزله، كتغيير الزيت أو إصلاح إطار (كفر) .. وهنا يخرج كتابه ويقرأ

في الأسفار .. ذات الرحلات الطويلة، والتي يقضي فيها طالب العلم الساعات، هنا يراجع أجزاءً من القرآن، أو متوناً كاملة في سائر العلوم ..
هذا ما لدي من أفكار في هذه الجزئية، ولعل طلاب العلم وهم فرسان الميدان، يفيدون أكثر وأكثر .. حسبي أن أتيت بالكبريت، وعليهم الحطب الإشعال ..

كما قال ذلك الشاعر ..
منك الدقيق ومني النار أوقدها

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير