تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و من حسن القضاء أن من استقرض شيئا فرده أحسن أو أكثر من غير شرط كان محسنا و يحل ذلك للمقرض، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان لرجل على النبي ?جمل سنّ من الإبل فجاءه يتقاضاه، فقال:"أعطوه" فطلبوا سنه فلم فلم يجدوا إلا سنا فوقها، فقال " أعطوه"، فقال: أوفيتني أوفى الله بك، قال النبي ?:" إنّ خياركم أحسنكم قضاء"

2 - السماحة في الدين و الإقتضاء:

قال جلّ جلاله:"و إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة و أن تصدّقوا خير لكم إن كنتم تعلمون"

قال رسول الله ?:"كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعلّ الله أن يتجاوز عنا فتجاوز عنه"

و من حسن الإقتضاء: التسامح في التقاضي، و قبول ما فيه نقص يسير و طلبه بسهولة و عدم إحلاف، وترك التضييق على الناس و أخذ العفو منهم لعل الله يرحمنا، قال ?: "رحم الله رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى "

3 - السماحة بالعلم: و ذلك ببذل العلم، و هو من أفضل أبواب السماحة، و خير من السماحة بالمال لأن العلم أشرف من المال فينبغي على العالم أن يبذل العلم لمن يسأله عنه، بل يطرحه عليه طرحا، و إذا سأله عن مسألة استقصى له جوابها استقصاءً شافيا و أوعب في ذكر أدلتها فلا يقتصر على مسألة السائل بل يذكر له نظائرها و متعلقها و مأخذها بحيث يشفيه و يرويه، و قد سأل الصحابة الكرام رضي الله عنهم النبي ?عن المتوضىء بماء البحر فقال ?:"هو الطهور ماؤه الحل ميتته " فأجابهم على سؤالهم و جاد عليهم بزيادة لعلهم في بعض الأحيان أحوج إليها مما سألوه عنه

4 - السماحة بالعرض: و في هذه السماحة من سلامة الصدر و راحة القلب و التخلص من معاداة الناس ما فيها ... كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه ينفق على مسطح ابن أثاثة لقرابته منه و فقره، و عندما هلك مسطح فيمن هلك من أصحاب الإفك فخاض مع الخائضين الذين اتهموا السيدة عائشة رضي الله عنها بالفاحشة أقسم أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفق عليه، فعوتب الصديق فتصدق بعرضه على الرغم من عظم ذنب مسطح، و لله درّ القائل:

فإنّ قدر الذنب من مسطح ... يحطّ قدر النجم من أفقه

و قد جرى منه الذي جرى ... و عوتب الصديق في حقه

و أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها تخبرنا بجلية الأمر، قالت:" ... فلما أنزل الله براءتي، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه و كان ينفق على مسطح بن أثاثة لقرابته منه و فقره: و الله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل الله: "و لا يأتل أولوا الفضل منكم و السّعة أن يؤتوا أولي القربى و المساكين و المهاجرين في سبيل الله و ليعفوا و ليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم قال أبو بكر:بلى و الله إني أحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى النفقة التي كان ينفق عليه، و قال: و الله لا أنزعها أبدا.

5 - السماحة بالإحتمال:و هي من أنفع أبواب السماحة، و لا يقدر عليها إلا النفوس الكبار، فمن صعب عليه السماحة في المال فعليه بهذا الكرم و السخاء فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة، قال تعالى:"أذلة على المؤمنين" أي جانبهم ليّن هيّن على إخوانهم المؤمنين و لم يرد الهوان، و قال جلّ جلاله:"واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين "، أي كن لينا لأنك "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك قال النبي ?:" المؤمنون هيّنون ليّنون مثل الجمل الأنف الذي إن قيد انقاد و إن سيق انساق، و إن أنخته على صخرة استناخ "

فضائل السماحة:

1 - السماحة من مكفرات الذنوب: قال ?":حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير إلا أنه كان رجلا موسرا و كان يخالط الناس و كان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر فقال الله عزّ و جلّ لملائكته":نحن أحقّ بذلك منه تجاوزوا عنه "

2 - السماحة سبب للرحمة:قال ?:" رحم الله رجلا سمحا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى "

3 - السماحة منجاة من كرب يوم القبامة: قال رسول الله ?:"من أنظر معسرا أو وضع له أنجاه الله من كرب يوم القيامة "، و قال ?:" من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله "

4 - السماحة تُحرّم صاحبها على النار:قال ?: "من كان سهلا هيّنا ليّنا حرّمه الله على النار "، و قال ?:"ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غذا، على كل ليّن قريب سهل"

أمور تعين على السماحة:

1 - كظم الغيظ

2 - العفو و الصفح

3 - رجاء ما عند الله و حسن الظن به

أمور لا بد من إدراكها:

قد يخلط بعض الناس في مفهوم السماحة فيظن أنّ بعض الأمور تنافي السماحة و هي من لبابها و مفتاح بابها من ذلك:

1 - الغضب عندما تنتهك حرمات الله: قال تعالى: " والذين يجتنبون كبائر الإثم و الفواحش و إذا ما غضبوا هم يغفرون و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم يُنفقون و الذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون "

و عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما خُيّر رسول الله ?بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه و ما انتقم رسول الله ?لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم الله"

2 - طلب الحق: جاء رجل يطلب حقه من رسول الله ?فأغلظ فهمّ به أصحاب النبي ?، لكن الرسول ?قال:"دعوه فإن لصاحب الحق مقالا" لا بد من الحذر من الخلط بين الولاء و التسامح إنّ المسلم مطالب بالسماحة مع أهل الكتاب و لكنه منهي عن الولاء لهم بمعنى التناصر و التحالف معهم و أن طريقه لتمكين دينه و تحقيق نظامه المتفرّد لا يمكن أن يلتقي مع طريق أهل الكتاب و مهما أبدى لهم من السماحة و المودّة فإنّ هذا لن يبلغ أن يرضوا له بالبقاء على دينه و تحقيق نظامه بكفهم عن موالاة بعضهم لبعض في حربه و الكيد له

وسبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير