تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

.. ففى حديث أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه: "أن رجلاً أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: "أخى يشتكى بطنه فقال: اسقه عسلاً، ثم أتى الثانية فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه الثالثة فقال: اسقه عسلاً، ثم أتاه الرابعة، فقال فعلت - يعنى فلم يبرأ - فقال صلى الله عليه وسلم: "صدق الله، وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً فسقاه - يعنى فى المرة الرابعة - فبرأ" (1).


(1) أخرجه البخارى "بشرح فتح البارى" كتاب الطب، باب الدواء بالعسل، وقول الله تعالى "فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ"10/ 146 رقم 5684، ومسلم "بشرح النووى" كتاب السلام، باب التداوى بعسل النحل 7/ 460 رقم 2217، واللفظ للبخارى.

ويعجبنى فى هذا المقام ما قاله الإمام ابن قيم الجوزية قال: "ونحن نقول: إن هاهنا أمراً آخر، نسبة طب الأطباء إليه؛ كنسبة طب الطرقية" (1) والعجائز إلى طبهم، وقد اعترف به بعض حذاقهم وأئمتهم، فإن ما عندهم من العلم، منهم من يقول: هو قياس، ومنهم من يقول: هو تجربة، ومنهم من يقول: هو إلهامات ومنامات، وحدس صائب ومنهم من يقول: أخذ كثير منه من الحيوانات البهيمة … إلى أن قال: وأين وقع هذا وأمثاله من الوحى الذى يوحيه الله إلى رسوله بما ينفعه ويضره، فنسبة ما عندهم من الطب إلى هذا الوحى، كنسبة ما عندهم من العلوم إلى ما جاءت به الأنبياء، بل هاهنا من الأدوية التى تشفى من الأمراض ما لم يهتد إليه عقول أكابر الأطباء، ولم تصل إليها علومهم وتجاربهم، وأقيستهم من الأدوية القلبية، والروحانية، من قوة القلب والاعتماد على الله والتوكل عليه، والالتجاء إليه، والانكسار بين يديه والتذلل له، والصدقة، والدعاء، والتوبة والاستغفار، والإحسان إلى الخلق، وإغاثة الملهوف، والتفريج عن المكروب، فإن هذه الأدوية قد جربتها الأمم على اختلاف أديانها ومللها، فوجدوا لها من التأثير فى الشفاء ما لا يصل إليه علم أعلم الأطباء، ولا تجربته، ولا قياسه. وقد جربنا نحن وغيرنا من هذا أموراً كثيرة، ورأيناها تفعل ما لا تفعل الأدوية الحسية، بل تصير الأدوية الحسية عندها بمنزلة أدوية الطرقية عند الأطباء (2).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير