حدثنا به المفضل عن أبيه عن جده عن ابن إسحق عن مجاهد عن ابن عباس قال: وفد سواد بن قارب على عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فسلم عليه، فرد عليه السلام، فقال عمر: يا سواد! قال: لبيك يا أمير المؤمنين! قال: ما بقي من كهانتك؟ فغضب وامتلأ سحره ثم قال: يا أمير المؤمنين! ما أظنك استقبلت بهذا الكلام غيري؛ فلما رأى عمر الكراهية في وجهه قال: يا سواد! إن الذي كنا عليه من عبادة الأوثان أعظم من الكهانة، فحدثني بحديثٍ كنت أشتهي أن أسمعه منك! قال: نعم يا أمير المؤمنين! بينما أنا في إبلي بالسراة، وكان لي نجي من الجن، إذ أتاني في ليلة، وأنا كالنائم، فركضني برجله، ثم قال: قم يا سواد، فقد ظهر بتهامة نبيٌّ يدعو إلى الحق وإلى طريق مستقيم. قلت: تنح عني، فإني ناعسٌ! فولى عني، وهو يقول: السريع
عَجِبْتُ للجِنِّ وتَبْكارِها، ... وشدِّها العِيسَ بأَكْوارِها
تَهوي إلى مكّةَ تَبغي الهُدَى، ... ما مُؤْمِنُو الجِنِّ كَكُفّارِها
فارحَلْ إلى الصّفوَةِ من هاشِمٍ ... بَينَ روابيها وأحْجارِها
ثم لما كان في الليلة الثانية أتاني فقال مثل ذلك القول، فقلت: تنح عني، فإني ناعسٌ! فولى عني، وهو يقول:
عَجِبتُ للجِنّ وتَطْرابها ... ورَحْلِها العيسَ بأقتابِها
تَهوي إلى مكَّةَ تَبغي الهُدَى، ... ما مُؤمنو الجنِّ كَكُذّابِها
فارحلْ إلى الصّفوَةِ من هاشِمٍ ... لَيسَ قُدَاماها كأَذنابِها
ثم أتاني في الليلة الثالثة، فقال مثل ذلك، فقلت: إني ناعسٌ، فولى عني، وهو يقول:
عَجِبتُ للجنّ وإيجاسِها ... وشَدِّها العيس بأحْلاسِها
تَهوي إلى مَكَّةَ تَبغي الهُدى ... ما مُؤْمنو الجنِّ كأَرْجاسِها
فارْحَلْ إلى الصّفوَةِ من هاشِمٍ ... واسْمُ بعَينَيكَ إلى رأْسِها
قال سواد: فلما أصبحت يا أمير المؤمنين، أرسلت لناقة من إبلي، فشددت عليها، وأتيت النبي، صلى الله عليه وسلم، فأسلمت، وبايعت، وأنشأت أقول: الطويل
أَتاني نَجِيِّي بَعْدَ هَدْء وَرَقْدَةٍ، ... ولم يَكُ فيما قَدْ عَهِدْتُ بِكاذِبِ
ثلاثَ لَيالٍ قوْلُه كلَّ لَيلَةٍ: ... أَتاكَ رسولٌ من لؤيِّ بنِ غالبِ
فَشَمَّرْتُ عَنْ ذيلي الإزارَ، وَأَرْقَلَتْ ... بيَ الدِّعلبُ الوجناءُ عَبْرَ السّباسبِ
فأشهَدُ أنَّ اللَّهَ لا رَبَّ غَيرَه، ... وأنَّكَ مَأْمونٌ على كلِّ غائِبِ
وأنِّكَ أدنَى المُرسَليِنَ وَسيلَةً ... إلى اللَّهِ، يا ابنَ الأكرَمِينَ الأطايبِ
فَمُرْني بما أَحْبَبْتَ، يا خيرَ مُرْسَلٍ ... وإنْ كان فيما قلتُ شِيْبُ الذّوائبِ
وكنْ لي شفيعاً يومَ لا ذُو شَفاعَةٍ ... سِوَاكَ، بِمُغْنٍ عن سَوادِ بنِ قارِبِ
ومن العجائب الرواية عن الجن قال الكتاني في فهرس الفهارس:
وقد حدثنا بالحديث المذكور" من شكا ضرورته وجبت معونته " عالياً الشيخ المعمر الصالح أبو عبد الله محمد بن المدني الشرقاوي بآنفي عام 1321 عن عمه صالح بن التهامي المذكور عن زوج أخته أبي حفص عمر ابن المكي الشرقاوي عن شمهروش عالياً، فهو على هذا لنا رباعي، وقد حصل للسيد مرتضى سداسياً فأفتخر به قائلاً في " ألفية السند " له في ترجمة شيخه البلدي:
وخذ لإسنادِ حديثٍ عال ... من طرقِ الجنّ بالاتصالِ
عن شيخنا الماضي الشهير الصيتِ ... عن شيخه منسوبِ شبرخيتِ
أعني سليمانَ عن الجزيري ... ذي الفضل والتحقيق والتحرير
عن شيخه سلامةَ الإمامِ ... وذا عن الليثيّ بالإعلامِ
عن شيخه شمهروش الولي ... قاضي قضاة الجن ذي الرقي؟؟؟