تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هَدْيُ السَّاريّ، أم هُدَى السَّاري؟؟

ـ[سالم السمعاني]ــــــــ[18 - 10 - 10, 03:06 م]ـ

< TABLE border=0 cellSpacing=0 cellPadding=0> هَدْيُ السَّاريّ، أم هُدَى السَّاري؟؟

نوَّاف بن مُحمَّد العبد الله الرشيد

إنَّ ممَّا هُوَ معلومٌ لدى طَالِبِ العِلمِ الشريفِ أنَّ الحافِظَ أحمد بن علي ابن حجر. ت 852 هـ - رحمهُ اللهُ تعالى - وضعَ مُقدمةً نفيسةً لكِتابهِ: (فَتْح البَاري شرح صحيح البخاري) بيّن فيها المنهج الذي اختاره في شرحِ الصحيح وهي تشتمل على جميع مقاصد الشرح وسمَّاها باسم يختلف عن اسم الشرح، وكل من اعتنى بالكتاب المذكور ضبطَ عنوان الكتاب هكذا: (هَدْيُ السَّاري) بفتحِ الهاء وسكون الدال، لكن السؤال هنا هل هذا هُو الضبط الذي رسمه المؤلف؟

الذي تلقيناه عن مشايخنا - حفظهم الله تعالى - أن ضبط اسم الكتاب كما ذكرته آنفاً, لكني وقفتُ مُؤخراً على نُسخةٍ نفيسةٍ من مقدمةِ فتحِ الباري عنوانها مكتوب بخطِ مؤلفها الحافظ ابن حجر، وضبطَ اسم كِتابهِ هكذا: (هُدَى السَّاري) ضمَّ الهاء، وفتحَ الدّال.

فأحدث ذلك اضطراباً لديَّ، هل نسمي هذه المقدمة ب هَدْي السَّاري، بناءً على جميع النُسخ المطبوعة اليوم؟، أم نسميها ب هُدى السَّاري كما ضبطها مؤلفها، ونُغيّر هذا الضبط الشائع المخالف لما ضبطهُ المؤلف؟؟

فسألتُ بعض أساتذتي كالمحقق الشيخ محمود ميرة حفظه الله وأطلعته على خطِ الحافظ، وهاتفتُ العالم السيد مُحمَّد بن حمَّاد الصقلي أستاذ الحديث بجامعة القرويين بفاس حفظه الله تعالى، وغيرهما، فأبديا ترجيحهما للضبط الأخير وهو (هُدى السَّاري)، وقالوا: إنَّ العبرة بما قالهُ وكتبه مؤلف الكِتاب، وربَّ شائع لا أصلَ لهُ! وإن كان سليماً من حيث اللغةُ إلاَّ أنه لم يرسمهُ المؤلف!

ثمَّ وقفت على ثمان نسخ خطيّة للكتاب المذكور ووجدتها كلها مضبوطة بالضبط الشائع وهو: هَدْيُ السَّاري، إلاَّ نُسخة وقفتُ عليها بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رقم 1804 ضُبطت بالضبط الذي رسمهُ مؤلف الكتاب: هُدَى السَّاري.

قلتُ: ثم إنْ توسعنا قليلاً فنظرنا إلى معنى الهَدْيَ والهُدى، نجدُ أنَّ معنى الهُدى هو الرشاد والدلالة بلطف إلى ما يُوصل إلى المطلوب كما قال صاحب تاج العروس، وإنْ كان الهُدى والهدي يشتركان في المصدرية لفعل هداه الله، لكنَّ ضبط المؤلف لها بهُدى يُخصص الدلالة الدقيقة لهذه المقدمة، ويوضح ما حوتهُ بدقةٍ وعنايةٍ.

وأيضاً نستأنس بترجيح هُدى على هَدْي لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ} (73) سورة آل عمران، فأضافه إلى نفسهِ، وهذا يدل على قداسة هذه الكلمة وشرفها، فإنَّ المُضاف إلى العظيم عظيمٌ، والملحوظ أيضاً أنَّ الهَدْيَ قد ينصرف إلى السيرة الحسنة، والقدوة الصَّالحة. فيقالُ: فلانٌ سارَ على هدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

مع التأكيدِ أنَّ هَدْي وهُدى كلتاهما فصيحتان صحيحتان.

ولا يفهم من قولي: هُدى أدل من هدي، أنَّ هذا هو الدليل الذي اعتمدتُ عليه في ترجيح هُدَى على هدي إنَّما هو توسع في الفائدة, والله تعالى أعلم.

وصف النسخة الخطيَّة المعنية في هذا المقال:

هي نسخة بخطِ مُحمَّد بن صدقة المالكي، وقد وقع الفراغ من نسخها في يوم الأربعاء 3 صفر سنة 851 هـ، وهي في ملك الحافظ شهاب الدين البقاعي، وعليها خط الحافظ ابن حجر، حيث كتبَ عُنوان الكتاب: هُدى، ثمَّ في نهايتها كتب نص سماع تلميذه المحدث الحافظ شهاب الدين البقاعي عليه وإجازتهُ له، إضافة إلى كتابة مراحل السماع عليه من حيث عدد المجالس، وتأتي أهمية هذه النُسخة من وجوه:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير