تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قصة أعجبتني لعلي الطنطاوي؛ فبأي كتاب هيَّ

ـ[ماهر الغامدي]ــــــــ[22 - 10 - 10, 04:10 م]ـ

بينما أتصفح الملتقى إذ سقطتُ على موضوع شدني شداً (ومداره حول الأديب الفقيه علي الطنطاوي رحمه الله)، وإذ بقصة تقطع قراءتي، لترمي بي في الأرض - من شدة الضحك.

وبعد أن تمالكتُ نفسي تذكرتُ أن أُدوِنَ هذه القصة لأسئلكم عليها كون كاتب الموضوع - وهو الأخ أبو مشاري حفظه الله - لم يُشِر من أي كتاب هي ..

أترككم مع القصة ثم أعود للسؤال!


((كنت يوما أستقبل في بيتي جماعة من الأصدقاء، فجاء أحد أصحابنا و جاء معه بولد صغير (و أنا لا أكره شيئا كما أكره من يزورني و يأتيني بولده معه)، و لكني تجلدت و قلت لنفسي: إنه ضيف، و لابد من الاحتمال.
فما كاد يستقر في المجلس حتى شرع يتحدث عن ولده وذكائه و نوادره و كماله، و الحاضرون يبتسمون -مجاملة- و يتمنّون أن يحس فيختصر هذا الحديث الثقيل، وهو يفيض فيه. ثم قال لولده: بابا قم اخطب لهم خطبة.
فتدلل الولد و تمنّع، و قال: ما بدّي.
قال: قم، عيب!
و ما زال معه شد و دفع حتى استجاب و قام، فخطب خطبة أزعج لسامعيها من شربة خروع لشاربه، و لكن اضطروا أن يكشّروا و يقولوا مجاملة: ما شاء الله.
و حسبوا أن المحنة انتهت، و لكن الرجل عاد فقال: و هو حافظ غيرها كمان.
و انتظر أن يستبشروا بهذا الخبر و يطيروا سروراً بهذه البشارة، فلما رآهم سكتوا و أحجموا لم يسكت هو و لم يحجم، و قال للولد: اخطب - بابا - الخطبة الثانية.
و من خطبة إلى خطبة، حتى خطب عشر خطب، شعر الحاضرون كأنها عشر مطارق تنزل على رؤوسهم و طلعت منها أرواحهم، و هو يضحك مسروراً كأنه جاء بمعجزة. ثم قال: و هو يغني كمان. غنّ - بابا- أغنية.
قلت في نفسي: أعوذ بالله، خرجنا من الخطب فجاءت الأغاني.
و غنى أغنية، ثم أتبعها بأخرى، فقلت: يكفي؛ إنه قد تعب.
قال: لا (و مطّها ... ) إنه لا يتعب، الله يسلمه و يرضى عليه.
من حق تعبت يا بابا؟
قال: لا. ووثب ينط في الغرفة.
قال: أبوه بيعرف يلعب كمان.
و خرّب في لعبه كثيراً مما كان في الغرفة من التحف.
ثم جاء الشاي، فمد يده ليأخذ الفنجان، فقلت: إنه حار.
قال: لا.
و رفع رجله بحذائه الملوث فوضعها فوق المقعد، و أخذ الفنجان و قربه من فمه، فأحس حرارته، فأفلته فانكب على المقعد الجديد.
و توقعت أن يعتذر أبوه عن إفساده وجه المقعد، و إذا به لا يهتم بوجهه و لا قفاه، لقد اهتم بولده و قال له لا ترتعب ما صار شيء، هل احترقت يدك؟
و نظر فيها، و ابتسم و قال: سليمة و الحمدلله. و انتقل هو و ابنه إلى مقعد آخر.
ثم قام الولد و وقف بحذائه على المقعد الثاني و أخذ يكلمه في أذنه، فقال الأب: كأس ماء من فضلك، الولد عطشان.
فقمت و أتيته بها، فشرب و أراق الماء على المقعد الثاني.
وبعد لحظة قال أبوه: ممكن - من فضلك - يخرج للخلاء؟
قلت: قم. و أخذته بيده فصرخ صرخة أرعبتني، و حسبت أن قد قرصه ((دبّور)) و سألت: ما له؟
قال أبوه: إنه لا يخرج إلا معي.
فقلنا: خذوا طريقا و هاتوا طريقا [تعبير متدوال في الشام يستعملونه إذا كان البيت رجل أجنبي عن المرأة لا يجوز لها أن تظهر أمامه، و معناه أن تستر أو تغلق على نفسها باب غرفتها حتى يمر هذا الرجل فلا يراها (مجاهد)]، و وقفنا حتى وصل الموكب الهمايوني إلى بيت الخلاء!
و لا أريد أن أصف لكم بقية المشهد، فتصورا آخره من معرفة أوله.))

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير