تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خطبة جمعة هدية لمن يحتاجها عن العين.]

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[16 - 02 - 07, 07:30 م]ـ

الحمد لله الملك العلام القدوس السلام الذي جعل منار الشرع مستمراً على الدوام , وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنحط بها الأوزار والآثام, ويُستعان بها على شكر منحه ومننه الوافرة الأقسام , وأشهد أن رحمته للعالمين سيدنا محمداً عبده ورسوله المكتسي حلة الكرامة والإكرام, وحامل لواء السلامة والإسلام , صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم الذين قامت بهم شرائع الإسلام.

يا أيها الراجون منه شفاعة صلوا عليه وسلموا تسليما

أما بعد:

فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى, قال الله تعالى وتقدس {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَل لَّكمْ فُرْقَاناً وَّيُكَفِّرْ عنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ويغْفِرْ لَكُمْ واللهُ ذو الفضل العَظِيمْ}

عباد الله: إنَّ من محاسن شريعة الإسلام – وكلها محاسن – أنها جعلت قاعدة منع الضرر والضرار من أصول قواعد الشريعة ,ومن مجالات التطبيق العملي لهذه القاعدة الجليلة حرصُ المسلم على أن لا يَعينَ ولا يُعانَ ما استطاع إلى ذلك سبيلاً, قال صلوات الله وسلامه عليه (العين حق ,ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ,وإذا استُغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم.

ولتجنب الإضرار بها شرع الله لنا عند الإعجاب بهيئة أو حال أو مال أو ولد أيَّ مسلم أن نقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله و واقرأوا إن شئتم قول الله (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) , قال ابن كثير رحمه الله: (قال بعض السلف: من أعجبه شيء من حاله أو ماله او ولده فليقل: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) وهذا مأخوذ من هذه الآية الكريمة) 3/ 114

قال الإمام مالك رحمه الله (ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله) تفيسر القرطبي10/ 351

ومما يستدفع به ضرر العين التبريك - وهو قول: اللهم بارك عليه لمن يُعجَب المرء بما عنده – لقوله صلى الله عليه وسلم لعامر بن ربيعة حين رأى سهل بن حنيف رضي الله عن الجميع وهو يغتسل فأعجبه جسده فوقع بعد ذلك مغمى عليه – فقال صلى الله عليه وسلم:) علام يقتل أحدكم أخاه ألا برَّكت) صحيح ابن حبان 13/ 469

وفي هذا الحديث أن العين تمرض وتقتل, وعلى هذا علماء الملة وكافة أهل السنة خلافا لبعض المبتدعة المنكرين, وهم محجوجون بهذه الآثار النبوية.

ومما تستدفع به العين تجديدُ العبد لعهد الافتقار والذلة والانكسار لله والحاجة لحفظ الله ورعايته له, بقراءة أذكار الصباح والمساء فقائلها لا يضره شيء بإذن الله, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول (إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة) صحيح البخاري.

ومما تستَدفع به العين ستر ما يخاف عليه إن أمكن ذلك كما فعل يعقوب عليه السلام حين أمر بنيه أن يدخلوا من أبواب متفرقة لحاجة في نفسه قال المفسرون إنها دفع ضرر العين عنهم , وإنك لتعجب من تبجح وتفسخ وتعري بعض نساء وشباب المسلمين وإظهارهم لما لا يجوز لهم إظهاره من أجسادهم تقليدا للكفرة والفساق, فهلا خافوا على أجسادهم ضرر العين إذ لم يخافوا عقاب الله وجعلَه تلك الأجساد وقوداً لنار جهنم!!! وما يتذكر إلا أولو الألباب.

وإذا وقعت العين وحل ضررها بالبدن فإن شرها يستدفع بالتعاويذ الشرعية الثابتة, بعيدا عن دجل الأفَّاكين, وأكلة أموال الناس بالباطل من السحرة والمشعوذين.

وإذا عرف المعين عائنه يشرع له أن يطلب منه الوضوء كما في قصة عامر بن ربيعة حين طلب منه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ لسهل بن حنيف, ويجب على من طُلب منه الاغتسال أن يمتثل ولا يكابر في ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (وإذا استُغسلتم فاغسلوا) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (وظاهر هذا الأمر الوجوب) فتح الباري 10/ 203

وحري بالمكثرين من الظهور لعامة الناس في مجامعهم أن يتحصنوا بالأدعية الشرعية كالدعاة والعلماء والأئمة والخطباء والموجهين والمربين, وكل من شأنُه أن تلتفت إليه الأبصار.

************************************************** *********************************

الخطبة الثانية:

إن مما تجدر الإشارة إليه والتنبيه عليه أن الإصابة بالعين واشتهار وقوعها من شخص معيَّن, ليس مؤشراً على فسق ولا صلاح , لأن الإنسان قد تصيبه عين نفسه, قال ابن القيم: (وقد يعين الرجل نفسه, وقد يعين بغير إرادته) زاد المعاد4/ 194

ويقول ابن عبد البر رحمه الله (إن الرجل الصالح قد يكون عائنا وقد يعين الرجل نفسه) التمهيد13/ 69

ولا ينبغي أن يحاط من اشتهر بالعين وإضرار الناس بها بهالة من الإجلال والمخافة منه والتودد له على وجه يعتقد هو أو غيره أن بيده ضر أحد أو نفعه, واقرأوا إن شئتم قول الله عن السحرة الذين هم اشد خطرا وأكثر ضررا من العيَّانين قال تعالى (وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله) فالأمر كله إليه , ما من نسمة هواء تجري إلا بأمره وما من مثقال ذرة في هذا الكون الفسيح تسكن أو تتحرك إلا بمشيئته وعلمه سبحانه وتعالى, ومن الناس من يصاب بما هو اخطر من العين حين ينسب إليها كل شيئ فإذا تلعثم في كلامه أو تعثر في ممشاه او اصطدم بسيارته ظن أن ذلك من أثر العين , حتى إنك ترى الرجل والمرأة وما فيهما ما يستحسنه عاقل من خلْق ولا خلُق ولا علم ولا دين ولا عمل ومع ذلك يتوهم ملاحقة العين له في كل آن و وما هذا إلا استدراج من الشيطان له ليعيش في دوامة من الوساوس يفسد بها دينه وتتعطل مصالح دنياه.

الدعاء.

أخوكم المحب: أبو زيد الشنقيطي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير