تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كتاب جديد: الشيخ عبدالعزيز الوهيبي , إمام دعوة ومدرسة حياة]

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[08 - 11 - 10, 08:10 ص]ـ

كتاب الشيخ الوهيبي ودرس الحياة

الأحد 07, نوفمبر 2010

خليل بن إبراهيم أمين

بعد تجربة مريرة ومخاض عسر مع ثلة قليلة من أهل الحقد والحسد والمستغلين للأحداث تبوأ كتاب سيرة الشيخ عبد العزيز بن محمد الوهيبي – رحمه الله – مكانه على أرفف المكتبات، وأدعو الله – عز وجل – بعد حصول الأجر والثواب أن أكون قد استفدت من هذه التجربة درسا جديداً يفيدني في هذه الحياة.

وفي الحقيقة أنه لا يمر يوم إلا وتتحفك الحياة بدروس جديدة لا تجدها في المدارس ولا المعاهد ولا في أرقى الجامعات، وغالب الذين تسنموا ذرى المجد بين أقوامهم وفي مجتمعاتهم هم خريجو جامعة الحياة الذين فهموا دروسها ووعوها وأحسنوا التعامل معها فأراحوا واستراحوا، ذلك أن صور الحياة كثيراً ما تُعاد وتتكرر.

ولقد مر علي نحوا من خمسين عاما قضيتها في هذه الحياة عدا ونقدا، فما أسفت على شيء فيها أسفي على صورة أعيدت ولم أستوعب الدرس السابق منها، فيكون ما يصيبني من المرارة أكثر مما يُصيبني من الخسارة، لأنني شاهدت في الحياة صوراً متناقضة وتعاملت مع أناس من معادن شتى.

تعاملت مع أناس أحدهم كالجواد العربي الأصيل النسب، الذي لا يخذلك أبدا ولا يتغير عليك أبدا مهما شددت عليه ومهما حملت عليه، وسواء أقبلت معه الدنيا أو أدبرت، وتعاملت مع آخرين أحدهم كجنيه الذهب المزيف الذي يأخذك ببريقه وشدة لمعانه، فإذا ما اختبرته وصهرته إذا البريق واللمعان قشرة زائفة يفجؤك من تحتها خبث الحديد يرميك بأخس الطباع وأردى الأفعال.

شاهدت في الحياة أفراحاً مغسولة بالدموع وفواجع مشبوبة بالسرور، رأيت آمالا تتحقق وأحلاماً تتكسر، دولاً تباد ومجتمعات تشاد، رأيت من يشتري أخراه بدنياه ومن يبيع أخراه بدنيا غيره، عاملت الغني والفقير، والسيد والأجير، والصادق والكاذب، والمغرور والمتواضع ....

في نفسي آلاف الصور المتزاحمة تبدو الصورة منها خافتة باهتة، ثم تعلو على السطح وتقترب شيئا فشيئا حتى تصير مكبرة واضحة، ثم تهبط رويداً رويداً حتى تتلاشى وتنزوي في زاوية من زوايا العقل الباطن، ولكل صورة منها درس وعظة.

أقرب تلك الصور التي علت في نفسي مؤخراً صورتي وأنا في الصف الأول من المرحلة الابتدائية حين دفع لي أبي - يرحمه الله - كتابا في المطالعة الأولية وقد فتحه على صفحة فيه ثم دعاني للقراءة، تناولت الكتاب وتربعت على الحصير ورحت أرفع عقيرتي بالصياح، كنت أهتز طربا كلما اجتزت جملة صحيحة، نظرات الإعجاب من أمي الحنون كانت تلهبني صياحا وإعجابا، بيد أن قسمات أبي الصارمة وهو متكئ على عصاه كانت تحد من هذا الصياح وذاك الإعجاب.

كان الدرس درساً مشهوراً في زمنه يحكي سيرة امرأة قروية حالمة.

كانت تجمع الزبد والبيض من بيوت القرية ثم تذهب وتبيعه في السوق بعد أن تربح منه قروشا قليلة، في طريقها إلى السوق كانت تمر على بيت كالقصر لأحد أثرياء القرية، وفي صباح يوم وهي في طريقها إلى السوق رأت ما هالها، فقد كانت أبواب القصر مشرعة ورأت حُسن مبناه وجمال حديقته، فأرادت أن تقفز فوق سنن الحياة التي سنها الله للبشر بشراء قصر مثل هذا القصر سريعا، فقالت في نفسها اليوم سأبيع البيض والزبد وأشتري دجاجا يبيض، وغداً أبيع الدجاج وأشتري غنما، وأبيع الغنم بعد غد وأشتري بقرا .... وهكذا ذهبت في أحلامها إلى شراء القصر، ثم تخيلت نفسها في حديقة القصر فراحت تتمايل وتقفز بين الأشجار، وبينما هي كذلك إذ قفزت قفزة أطاحت سلة الزبد والبيض من فوق رأسها، وقد ختم المؤلف قصتها بعبارة (الزبد ساح والبيض تكسر).

طفت هذه الصورة في ذاكرتي فجأة حين استوقفني رجل ليس بيني وبينه سابق معرفة عند خروجنا من أحد المساجد ثم أخذني إلى سيارته وقدم لي كتابي عن ترجمة الشيخ عبد العزيز الوهيبي – رحمه الله - على سبيل الهدية بعد أن أوصاني بقراءته.

قبلته شاكرا وداعيا، وعند سيارتي تحدرت على وجنتي دمعة حارة حين علمت أن أبي كان يعلمني وقتها درس الحياة.

أبو المنذر خليل بن إبراهيم أمين

المصدر: http://www.lojainiat.com/index.cfm?do=cms.con&*******id=49097

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير