(ومما يوصى به الأحبة في مثل هذه المجالس: إتباع العلم العمل، والحرص على السنة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم، فلا تتعلم شيئاً إلا وعملت به ودللت الناس عليه. ومما نتواصى به حب الخير للمسلمين لنشر هذا العلم، وأن تكون قلوبنا مليئة بحب الخير لإخواننا المسلمين، فنتعلم هذا العلم، ونشهد الله من الآن أننا لا نريد به علواً في الأرض ولا فساداً، وإنما نريد به وجه الله وما عند الله من نفع المسلمين بدلالتهم على الخير، ومن نوى الخير فإن الله عز وجل تأذن له بأحد أمرين: الأول: إما أن يمتع عينه ويقرها في الدنيا قبل الآخرة برؤية الخير الذي نواه؛ فإذا نويت من الآن أن تحمل هذا العلم للأمة فتهدي ويهدى بك، وتدل الناس على الخير؛ ليأتين يوم يقر الله عينك لما نويت من الخير، وهذا مشهد لله -ولا نزكي أنفسنا في طلبنا للعلم- فما وجدنا الله إلا وفياً لعباده: وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ [التوبة:111]، والله تعالى يقول: وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ [المائدة:12] فالله مع عباده عامة، وخاصتهم من أهل العلم وطلاب العلم. فيحرص الإنسان أن تكون نيته فيها نفع أبناء المسلمين، وأن لا يبخل على الناس بهذا العلم، فإما أن يريك الله بأم عينك أثر هذه النية الصالحة، ويأتي اليوم الذي تنعم فيه عينك بحمل العلم عنك، فتأمر فتجد الناس حين تفتيهم يأتمرون بأمرك وينتهون بنهيك؛ لأن الله هو الذي يقلب القلوب ويثبتها، فإذا علم الله منك النية الصالحة قلب القلوب على حبك والثقة بما تقول، والناس تشتري السمعة بالأموال، والله تعالى زكى أهل العلم ووضع لهم من الحب والود في قلوب عباده ما لو بذلوا له أموال الدنيا ما استطاعوا أن يصلوا إليه، وهذا كله بفضل الله. الثاني: أن يبلغك الله الأجر بنيتك، ويصرف عنك البلاء بالعلم؛ لحكمته وعلمه سبحانه، فيبلغك أجر هذا العلم وأجر ما نويت من نشر العلم بنيتك. فعلى الإنسان أن يجعل من هذه لمجالس عوناً له على طاعة الله، ومحبته؛ فالدنيا فانية. وكم جلسنا مع علماء قرت عيوننا برؤيتهم فأمسينا وأصبحنا كأن لم يكن شيء، وسيأتي يوم لا يرى الإنسان فيه من يراه: كأن شيئاً لم يكن إذا انقضى وما مضى مما مضى فقد مضى ومما يوصى به أيضاً: الحرص على اغتنام العلم، واغتنام وجود العلماء وحلق الذكر، والحرص على الجد والاجتهاد، لا أن يأتي الإنسان إلى مجلس الذكر لكي يشغل وقت فراغه؛ إنما يأتي لكي يعلَم ويعمل ويعلِّم، ويحس أنها أمانة ثقيلة، وأن الله معينه ومسدده. ووالله ثم والله ما صدقت مع الله إلا صدق الله معك، وليفتحن الله لك من أبواب الخير والرحمة ما لم يخطر لك على بال، فإن أساس هذا الدين وأساس هذه الملة قائم على كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا هو الدين والوحي الذي أوحى الله إلى نبيه، فإذا تجرد طلاب العلم لحمله وصدقوا مع الله صدق الله معهم، وجعل فيهم الخير للأمة، ونفع بهم الإسلام والمسلمين، ووالله ما حملت علماً صادقاً تريد به وجه الله إلا بلغه الله عنك، والله عز وجل على كل شيء قدير. المهم أن هذه القلوب -التي تتقلب على العبد آناء الليل وأطراف النهار- تستشعر قيمة هذا العلم. وقد كان السلف لا يشتكون من شيء مثل قلوبهم، وقال سفيان ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&sh=68&ftp=alam&id=1000143&spid=68) رحمه الله: ما رأيت مثل قلبي -وفي رواية: ما رأيت مثل نيتي- إنها تتقلب عليَّ. والله عز وجل لا ينظر إلى عبده على كمال وجلال مثلما ينظر إليه وهو عالم عامل قائم بحجة الله عز وجل على خلقه، فهؤلاء هم ورثة الرسل والأنبياء (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم)
أسأل الله سبحانه و تعالى أن يرزقنا العلم النافع و العمل الصالح و أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
هذا و الله أعلم و صلى الله و سلم على نبينا محمد و على اله و صحبه و سلم
ـ[أبو أحمد الجكني]ــــــــ[28 - 02 - 07, 04:21 م]ـ
كفيتم ووفيتم وما قصرتم والله.
بارك الله فيكما أخي بلال وأخي أبي زكريا.
جزاك الله خير أخي أبا معاذ الحربي على إضافتك الرائعة وكلامك القيم.
نفع الله بكم.
ـ[سالم عدود]ــــــــ[28 - 02 - 07, 08:34 م]ـ
لا أحد يغضب يا إخواني من هذا السؤال واعذروا أخاكم عليه:
كيف يغضب منك أحد و قد سألت عن شيء يقول فيه أمثال سفيان الثوري ماعالجت شيئا أشد علي من نيتي فالتفقه فيها من ما يتعين على الطالب العناية به رزقنا الله و اياكم الصدق و الاخلاص
ـ[أبو ياسر الجنوبي]ــــــــ[02 - 03 - 07, 12:52 ص]ـ
كلما تأملت أن طالب العلم يحشر مع العلماء .. وأن طلب العلم ساعة أفضل من إنفاق الذهب .. وأن طلب العلم أفضل من الجهاد (وفيه خلاف) .. وأن طلب العلم من وسائل الثبات .. وأن طلب العلم من أفضل الأعمال التي يرتقي به الإنسان في الجنان (إن صحت النية) ... وأن أهل العلم مقربين من الله .. وأن طلب العلم من أفضل ما يقضى فيه الأوقات ..
وهناك فائدة:
الإنسان إذا أقبل على عمل صالح أين كان سواء (طلب علم أو قيام ليل أو دعوة) .. يكون في البداية يقبل عليه بشوق ولهفة بعد ذلك يدخل في مرحلة المجاهدة وإذا إجتازها دخل في مرحلة اللذة ..
قال أحد المشائخ (فك الله أسره):
لذة طلب العلم أفضل من فض البكار ..
استشعر هذا كله واجعل عظمة ربك في قلبك وتأمل أنه سبحانه يعلم ما في خاطرك ونيتك .. فالعبد إذا صرف نيته لغير ربه دل على جهله بعظمة سيده ومولاه .. ولكي يطرد الشخص العجب من قلبه ويصحح نيته .. تأمل (رضى من تطلب وفي أي شي ترغب ومن أي شي ترهب) كما قال ذلك الشافعي ...
وقبل ذلك الدعاء الدعاء الدعاء ..
نعوذ بالله من الخذلان ..
¥