نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم قال تعالى ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال غير واحد من السلف هو العبد تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم فهذه طمأنينة إلى أحكام الصفات وموجباتها وآثارها في العالم وهى قدر زائد على الطمأنينة بمجرد العلم بها واعتقادها وكذلك سائر الصفات وآثارها ومتعلقاتها كالسمع والبصر والرضا والغضب والمحبة فهذه طمأنينة الإيمان وأما طمأنينة الإحسان فهي الطمأنينة إلى أمره امتثالا وإخلاصا ونصحا فلا يقدم على أمره إرادة ولا هوى ولا تقليدا فلا يساكن شبهة تعارض خبره ولا شهوة تعارض أمره بل إذا مرت به أنزلها منزلة الوساوس التي لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يجدها فهذا كما النبي صريح الإيمان وعلامة هذه الطمأنينة أن يطمئن من قلق المعصية وانزعاجها إلى سكون التوبة وحلاوتها وفرحتها ويسهل عليه ذلك بأن يعلم أن اللذة والحلاوة والفرحة في الظفر بالتوبة وهذا أمر لا يعرفه إلا من ذاق الأمرين وباشر قلبه آثارهما فللتوبة طمأنينة تقابل ما في المعصية من الانزعاج والقلق ولو فتش العاصي عن قلبه لوجده حشوة المخاوف والانزعاج والقلق والاضطراب وإنما يوارى عنه شهود ذلك سكر الغفلة والشهوة فإن لكل شهوة سكرا يزيد على سكر الخمر وكذلك الغضب له سكر أعظم من سكر الشراب ولهذا ترى العاشق والغضبان يفعل مالا يفعله شارب الخمر وكذلك يطمئن من قلق الغفلة والإعراض إلى سكون الإقبال على الله وحلاوة ذكره وتعلق الروح بحبه ومعرفته فلا طمأنينة للروح بدون هذا أبدا ولو أنصفت نفسها لرأتها إذا فقدت ذلك في غاية الانزعاج والقلق والاضطراب ولكن يواريها السكر فإذا كشف الغطاء تبين له حقيقة ما كان فيه
ثم قال: (فصل وها هنا سر لطيف يجب التنبيه عليه والتنبه له والتوفيق له بيد من أزمة التوفيق بيده وهو أن الله سبحانه جعل لكل عضو من أعضاء الإنسان كمالا إن لم يحصل له فهو في قلق واضطراب وانزعاج بسبب فقد كماله الذي جعل له مثالا كمال العين بالأبصار وكمال الأذن بالسمع وكمال اللسان بالنطق فإذا عدمت هذه الأعضاء القوى التي بها كمالها حصل الألم والنقص بحسب فوات ذلك وجعل كمال القلب ونعيمه وسروره ولذته وابتهاجه في معرفته سبحانه وإرادته ومحبته والإنابة إليه والإقبال عليه والشوق إليه والأنس به فإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذابا واضطرابا من العين التي فقدت النور والباصر من اللسان الذي فقد قوة الكلام والذوق ولا سبيل له إلى الطمأنينة بوجه من الوجوه ولو نال من الدنيا وأسبابها ومن العلوم ما نال إلا بان يكون الله وحده هو محبوبه وإلهه ومعبوده وغاية مطلوبه وإن يكون هو وحده مستعانه على تحصيل ذلك فحقيقة الأمر أنه لا طمأنينه له بدون التحقق بإياك نعبد وإياك نستعين وأقوال المفسرين في الطمأنينة ترجع إلى ذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما المطمئنة المصدقة وقال قتادة هو المؤمن اطمأنت نفسه إلى ما وعد الله وقال الحسن المصدقة بما قال الله تعالى وقال مجاهد هي النفس التي أيقنت بأن الله ربها المسلمة لأمر فيما هو فاعل بها وروى منصور عنه قال النفس التي أيقنت أن الله ربها وضربت جاشا لأمره وطاعته وقال ابن أبي نجيح عنه النفس المطمئنة المختة إلى الله وقال أيضا هي التي أيقنت بلقاء الله فكلام السلف في المطمئنة يدور على هذين الأصلين طمأنينة العلم والإيمان وطمأنينة الإرادة والعمل
ثم ساق فصولا أخرى نافعة جدا - رحمه الله ما أفهمه و ما أنفعه للخلق.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[01 - 04 - 03, 07:54 م]ـ
بارك الله فيك
(16 - كلام جميل لمقاتل بن حيان في معنى إقامة الصلاة ذكره ابن القيم في جلاء الأفهام ص: 275.
و هذا نصه: (وقد قال مقاتل بن حيان في تفسيره في قوله عز وجل الذين يقيمون الصلاة المائدة 55 قال اقامتها المحافظة عليها وعلى اوقاتها والقيام فيها والركوع والسجود والتشهد والصلاة على النبي في التشهد الاخير ..
وقد قال الأمام احمد الناس عيال في التفسير على مقاتل).)
===========
المعروف ان هذه المقولة للامام الشافعي رحمه الله
قاله في حق مقاتل بن سليمان
ففي ترجمة مقاتل بن سليمان
(قال الشافعي: الناس عيال في التفسير على مقاتل)
ولعل هذا الكلام هو في تفسير مقاتل بن سليمان فليراجع
والله اعلم
ـ[أبو تيمية إبراهيم]ــــــــ[01 - 04 - 03, 08:57 م]ـ
الكلام المنقول في تفسير الآية لمقاتل بن حيان، و كذلك أورده ابن كثير في تفسيره (1/ 43) و (2/ 287)
لكن القول فيه 0 الناس في التفسير) المشهور أن الشافعي قاله في حق ابن سليمان، كما أخرجه الخطيب و غيره، كما قال أخي الشيخ المدقق ابن وهب - بارك الله فيه -
لكن النقل كذلك جاء في جلاء الأفهام ن و كنت أول ما قرأته، قلت لعل فيه قولا آخر للإمام أحمد في حق ابن حيان، فهو الآخر مفسر مشهور، لكن ليس بشهرة و لا بقدر ابن سليمان، إلا أنه أحسن دينا منه.
و لا أقول إلا: أحسنت أخي الشيخ ابن وهب في هذا التنبيه.
¥