تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يكن يتقلد منصبا في زمن الفرنسيين إلا جاسوس، كما نقله جدنا الشيخ المنتصر الكتاني رحمه الله في كتابه "فاس عاصمة الأدارسة"، عن بعض جنرالاتهم، ثم ابن سودة في نفس الوقت يذم الشيخ عبد الحي الكتاني ويتهمه بالعمالة للفرنسيين، وكذلك الإمام الحجوي رحمهما الله تعالى. على أن الشيخ عبد الحي الكتاني رفض خدمة الفرنسيين وتقلد مناصبهم طول عمره، لم يتقلد شيئا من ذلك، وعندما دخل النظام إلى جامعة القرويين خرج منها واكتفى بالدروس العامة بها والخاصة بالزاوية الكتانية وغيرها من المحال غير الرسمية. أما الحجوي، نعم كان في أوله منكبا على الفرنسيين، ولكن كانت له خطة في الإصلاح والدفاع عن قضايا المسلمين، وفي العديد من مؤلفاته طبعت بدار ابن حزم، كلها دفاع عن الإسلام وقضاياه بما يحتاجه العصر، والشيخ عبد الحي الكتاني لا تجد في كتاب من كتبه ولو مجاملة أو ثناء للمستعمر، بل كلها دفاع عن الإسلام وقضاياه، ولمز للمستعمر وقضاياه، ها هي التراتيب الإدارية، وهاهي اليواقيت الثمينة، وها هي مفاكهة ذوي النبل والإجادة، وها هي أسباب استيلاء الفرنجة على المسلمين آخر الزمان ... كلها طافحة بالذب عن الإسلام وأهله.

وبالمقابل؛ ها هو ابن سودة يمدح المستشرقين ويؤرخ لهم في تاريخه، وها هو الفاسي يشتغل مع الفرنسيين ويؤلف في نصرتهم، وها هو ابن زيدان وابن إبراهيم وداود يعظمونهم ويثنون عليهم في تواريخهم، فأي الفريقين أحسن طريقا وأوضح نديا يا أخي؟؟؟؟. وما زاد في أخبار صاحبك ابن سودة لا أحب ذكره، وثق بي يا أخي والله، وانظر كتاباتي أتعمد فيها الستر، انظر تحقيقنا لأعلام المغرب العربي في القرن الرابع عشر وغيره ....

ووالله لو أردت أن أذكر لك من طرد والده من البيت وجاء طريدا لاجئا شريدا إلى منزل الشيخ عبد الحي الكتاني سنين، ومن أفتى بجواز مقاتلة المجاهدين وقتلهم، ومن تقلد الوزارة والقضاء في الزمن الفرنسي، ومن أفتى بسفور المرأة، ومن أفتى بعدم صحة صحيح البخاري وما فيه، ومن ادعى أن الحديث الصحيح يرد بالعقل، ومن مسخ بعد وفاته خنزيرا والعياذ بالله تعالى، أخبرني بذلك غير واحد ممن شاهده، ولم يغسل من أجل ذلك، ومن أصبح حفيده كولونيلا في الجيش الإسرائيلي الآن، ومن أبناؤه من العلمانيين الكبار في حياته برضاه، وبعد وفاته، ومن كان من مؤسسي حزب اشتراكي يدعو إلى اللادينية وهو يسمى شيخ الإسلام، ومات وهو عضو فيه ... إلخ من الفظائع القاتلة لبعض ممن تسميهم بشيوخ السنة في المغرب لذهلت وخجلت.

أما تعريضك بأن أحمد الغماري قال وقال في الشيخ عبد الحي الكتاني، فلنا كتاب في الموضوع رددنا فيه على الشيخ محمود سعيد ما ذكره في تشنيف الأسماع وغيره، واسع في الموضوع، سميته: "مسامرة لبيب الحي في الذب عن شيخ الإسلام عبد الحي". والحديث في ذلك الموضوع مما تشيب له الولدان، وقد نقل البعض في هذا المنتدى المبارك بعض رسائله في الموضوع فقف عليها.

أما المغاربة فلا يعرفون الشيخ عبد الحي إلا بأنه شيخ الإسلام، وإمام أئمة الأعلام، وهاهي تقاريظ أعلام المغرب بين يديك في فهرس الفهارس، والتراتيب الإدارية، وغيرهما بما لا مزيد عليه، ويكفي أن محمد بن الصديق الغماري والد الشيخ أحمد وصفه فيها بقوله: شيخ مشايخ الأعلام، المتبحر في العلوم النقلية والعقلية ولا سيما سنة سيد الأنام، عليه الصلاة والسلام، وحيد الدهر، وفريد العصر، الهمام الأكمل الرباني .... وقف على قوله "الرباني" ولا بد، وراجع ما وصفه به الشيخ محمود شاكر في مجموعة مقالاته المطبوعة منذ قريب .... أما من تكلم فيه فهم حزبيون، وإن كان منهم الشيخ محمد إبراهيم الكتاني رحمه الله تعالى، والذي أعرفه أنه تراجع عن ذلك في آخر عمره وندم عليه.

أما الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله، فقد وقفت على كلامه، وفيه من التعسف ما لا يقبل، وهو تأثر بالحزبيين الجهلاء الذين التقى بهم، ولست أدري، أأقبل كلامه في ذم الشيخ عبد الحي الكتاني، وقد أحيى تراث الجزائر، ونشر الدين في ربوعها، أم أصدق كلامه في مصطفى كمال أتاتورك، الذي جعله بطل الإسلام، والذي استمر عليه (أي الإطراء) بالرغم من هدمه للخلافة وإرسائه النظام العلماني بدل الإسلام، قل يا منصف؛ بأي منطق تفكرون، وبأي ولاء وبراء تتدينون؟. والله ثم والله لا أعرف عالما من علماء المغرب منذ فتحه إلى الآن تهيأ له ما تهيأ للشيخ عبد الحي الكتاني رحمه الله ورضي عنه ... علما، وتأليف - وقد ربت مؤلفاته على خمسمائة كما ذكره الأديب ابن العياشي سكيرج في رياض السلوان - وزعامة، بحيث كان له من النفوذ ما أطلق عليه ألسن الحساد، ومن جهاد المستعمر بحيث جاهده بيده بله قلمه وأتباعه ونفوذه، ومن المال الكثير، والمكتبة الضخمة، والذهن الوقاد، الرجل يبحث في التاريخ ليس عن مصادره المعلومة المكتوبة فقط، بل بدراسة العملات والآثار، انظر التراتيب الإدارية وغيرها، والاجتهاد، فأكبر كتاب في نصرة السنة ألف زمنه هو البحر المتلاطم الأمواج في مجلدين كبيرين، توجد منه نسخة بالخزانة الصبيحية بسلا حسب ما وقفت عليه سابقا .... إلخ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير