تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال تعالى: " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد " [البقرة 187]، وقال تعالى: " أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين " [البقرة 125]، وفي حديث ابن عمر وأنس وعائشة رضي الله عنهم: " أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأوسط من رمضان، ثم اعتكف العشر الأواخر، ولا زمه حتى توفاه الله تعالى " ثم اعتكف ازواجه من بعده " [متفق عليه]، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس: فدنوا منه فقال: " إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة، ثم اعتكفت العشر الأوسط، ثم أتيت فقيل لي: إنها في العشر الأواخر، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه، قال: وإني أريتها ليلة وتر وأني أسجد صبيحتها في طين وماء فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلي الصبح فمطرت السماء فوكف المسجد فأبصرت الطين ظاهرا فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة كلاهما فيهما الطين ظاهرا وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر " [أخرجه مسلم وابن خزيمة وابن حبان].

قال الزهري: عجباً من الناس، كيف تركوا الاعتكاف ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل الشيء ويتركه، وما ترك الاعتكاف حتى قبض.

والاعتكاف معروفاً قبل الرسالة المحمدية، وليس خاصاً بهذه الأمة، ودليل ذلك قوله تعالى: " وعهدنا إلى إبرهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين ".

والأفضل أن يكون الاعتكاف بصوم، فيعتكف المعتكف وهو صائم، وليس ذلك واجباً، بل هذا من باب الأفضلية. فأما حديث عائشة رضي الله عنها: " لا اعتكاف إلا بصوم " [فهو حديث ضعيف، أخرجه الدار قطني والبيهقي]، ولكن الصحيح في ذلك ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما: " ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه " [أخرجه الدار قطني والبيهقي ورجحا وقفه على ابن عباس، وأخرجه الحاكم مرفوعاً، وقال صحيح الإسناد 2/ 80].

قدر الاعتكاف:

فعند الحنابلة أقل الاعتكاف يكفي فيه ساعة، وعند الحنفية مدة يسيرة غير محددة، وعند المالكية يوم وليلة، وعند الشافعية قدر أكبر من قدر الطمأنينة في الركوع ونحوه. فجمهور العلماء: يُكتفى بمدة يسيرة ولو لحظة، ولم يخالف إلا المالكية كما سبق قولهم.

مكان الاعتكاف:

هو المساجد التي تقام فيها الجماعة، وأفضل ذلك المسجد التي تقام فيه الجمعة، حتى لا يحتاج المعتكف إلى الخروج من معتكفه، ودليل ذلك قوله تعالى: " وأنتم عاكفون في المساجد وقوله تعالى: " أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود "، فعلم بالضرورة من الآيتين أن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد، أما الاعتكاف في البيوت فلا يجوز ولو للنساء، بل الثابت عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهن اعتكفن في المسجد بعد موته صلى الله عليه وسلم، ولو كان جائزاً الاعتكاف في البيوت لاعتكفن في بيوتهن لأنها خير لهن. ويكون اعتكاف النساء في المصلى الخاص بهن، البعيد عن مصلى الرجال، حتى لا يحصل الاختلاط بينهم. [ولمزيد الفائدة يراجع مجموع فتاوى ومقالات متنوعة 15/ 442].

والغرف التي داخل المسجد وأبوابها مشرعة عليه، فهي تابعة للمسجد ولها حكمه، فيجوز الاعتكاف فيها. أما إن كانت خارج المسجد فليست من المسجد وإن كانت أبوابها داخل المسجد [فتاوى اللجنة الدائمة 10/ 412].

قطع الاعتكاف:

قال الترمذي رحمه الله:

اختلف أهل العلم في المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى، فقال بعض أهل العلم: إذا نقض اعتكافه وجب عليه القضاء واحتجوا بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشراً من شوال، وهو قول مالك، وقال بعضهم: إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شيء أوجبه على نفسه، وكان متطوعاً فخرج فليس عليه أن يقضي، إلا أن يحب ذلك اختياراً منه، ولا يجب ذلك عليه وهو قول الشافعي، قال الشافعي: فكل عمل لك أن لا تدخل فيه فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضي إلا الحج والعمرة " [صحيح سنن الترمذي].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير