تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا أردت تخريج حديث فاتعب عليه، إتعب على جمع طرقه وألفاظه، وقد تقف على عشرين طريقاً بنفسك، ثم بعد ذلك لا ما نع من أن ترجع إلى هذه الآلات فتختبر العمل، لعلك أن تقف على طرق لم تقف عليها بنفسك، وحينئذ تثبت هذه الطرق التي أخذتها من الآلات في قلبك، لأنه قدر زائد على جمعت تتشوف إليه، فهذي يستفاد منها في اختبار العمل، ويستفاد منها أيضاً عند ضيق الوقت، فعندك خطبة جمعة، ومابقي إلا ربع ساعة، وعندك حديث ما تدري ماذا قال فيه أهل العلم؟

لا مانع من أن تطلع على درجته من خلال هذه الآلات، وأما أن تعول عليها في مبتدأ أمرك فلا، فلا بد أن يكون طلب العلم على الجادة، وأن يتعب في تحصيله، وأن يسلك السبل والطرق التي سلكها من تقدم، لنحصل على ما حصلوا عليه، ولذلكم مع هذه التيسيرات والتسهيلات، كم في الأمة من الحفاظ؟ (أعني حفاظ السنة)، وإن كانت البوادر ولله الحمد قد ظهرت وتبشر بخير، وبعثت آمال، وكانت الطريقة عند أهل العلم حفظ المختصرات الصغيرة اليسيرة، مثل: الأربعين، العمدة، ثم البلوغ. ومن يتطاول على المنتقى فضلاً عن الكتب المسندة؟ لكن مع ذلك الآمال ولله الحمد وجدت، ففي الشباب من يحفظ آلاف الأحاديث، وهذا يبشر بخير، ولكن لا يكفي هذا، فلا بد من معرفة الفقه والاستنباط من هذه الأحاديث، ومعرفة ثبوت هذه الأحاديث من عدم ثبوتها، فلا بد أن نتحقق من عدم ثبوتها بمعرفة الأسانيد والطرق، لأن الإخوان يحفظون أحاديث مجردة بدون تكرار، ولكن لا بد من التكرار .. لا بد من الأسانيد .. لا بد من النظر في المتون.

- قد يقول قائل: إنهم في هذه المرحلة في مرحلة تخزين، تخزين للمتون؟

نعم صحيح، ولكن لا بد أن يعود إلى هذا العلم مرة أخرى ليتفقه فيه على طريقة شرحناها مراراً، وإن كان الآن بدأنا أن ندخل في السنة، والأصل أن نتحدث عن القرآن.

- كيفية التفقه في السنة؟

ذكرناها مراراً، وهي سهلة وميسورة، وتحتاج إلى وقت، وتحتاج إلى معاناة، وتحتاج إلى تعب. باختصار: تأتي إلى البخاري، وتجعله المحور والأساس الذي تدور عليه، وهذه مرحلة لاحقة بعد حفظ المتون المعتبرة عند أهل العلم، وعلى حسن الترتيب الطبقي لمستويات الطلاب، فتأتي إلى الحديث الأول في البخاري، فتجد الإمام البخاري خرجه في سبعة مواضع، فتنظر في هذه المواضع كلها، وتنظر بم ترجم البخاري على هذا الحديث في هذه المواضع، وتقارن بين الأسانيد في المواضع السبعة، هل هي متطابقة؟ مختلفة؟ هل زاد البخاري في هذا الموضع على الموضع الآخر؟ هل تغير بعض الرواة؟ هل تغيرت صيغ الأداء؟ كل هذا مؤثر في فهم السنة، وفي تحصيل هذا العلم العظيم. فإذا انتهيت من المواضع، تنظر في مطابقة الحديث للترجمة التي وضعها البخاري عنواناً لهذا الحديث، وتربط هذا الحديث بترجمته، وتنظر في أقوال السلف من الصحابة والتابعين التي يذكرها المؤلف رحمه الله تعالى وتحتاج إلى ترجمة، لأنها خير معين على فهم الحديث، وإذا نظرت في المواضع السبعة على هذه الطريقة، تكشف لك أمور، لا تتكشف إذا اقتصرت على أمر واحد كما هو شأن المختصرات، لأنه أحياناً يختصر البخاري، وأحياناً يبسط، وأحياناً تجد كلمة تفتح لك آفاق في فهم هذا الحديث، وكم حصل من الخلط بالنسبة للشروح التي لا يُعنى مؤلفوها بالنظر في أطراف الحديث ثم إذا أنت انتهيت من هذه المواضع تنظر في حديث صحيح مسلم وطرقه وألفاظه، ولذا ترجم عليه الشراح لأن مسلم لم يترجم الكتاب، ثم بعد ذلك تنظر في سنن أبي داوود ثم في الترمذي والحديث مخرج عند الجماعة، بهذه الطريقة يكون لديك التصور كامل للحديث، وبهذه الطريقة تتفقه في السنة ويكون عندك فقه الحديث على طريقة أهل الحديث.

ـ كيف تقرأ القرآن؟ وكيف تفهم القرآن؟ يعني لابد من أن نبدأ بأصل الأصول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير