تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبقي عندنا الصرف، فإذا تدرجنا في النحو الآجرومية، القطر، الألفية، وفيها مباحث صرفية، ويقرأ قبل الألفية مما يعينه على فهم المباحث الصرفية الشافية لابن الحاجب، ولها شأن عند أهل العلم، وهي مشروحة، لكن مع الأسف أنه قد لا يجد شيخ يعينه على فهمها، ولا مانع من أن يجتمع ثلة من طلاب العلم يذكرون حاجتهم إلى شرح هذا الكتاب إلى شخص متخصص، ويحتسب لهم بدرس، وعليها شروح وموجودة ومطبوعة.

والمعاني والبيان والبديع، هذا يقوم بها تلخيص المفتاح مع شروحه، ويقرأ المطولات في كل علم من العلوم على الطريقة التي أبديناها سابقاً في التفسير المطولة، بالأقلام، والمذكرات.

وهناك علوم يستهين كثير من طلاب العلم، وكثير منها لا شك أنه ليس من متين العلم، بل من ملحه، ككتب التاريخ، فإذا قرأ الطالب في كتب التاريخ لا شك أنها في شيء من المتعة والاستجمام، لأنك إذا انتقلت من أصول الفقه إلى النحو، ورجعت إلى التفاسير، ثم عدت إلى كتب شروح الحديث، فلا شك أن الذهن يحتاج إلى شيء من الاستجمام فيحصل الاستجمام بكتب التواريخ، وكتب الأدب.

وكتب التواريخ بالإضافة إلى الاستجمام فيها العظة، والاعتبار، لأن السنن الإلاهية واحدة لا تتغير، فالأسباب التي أهلك بسببها الأمم يهلك فيها غيرهم، ولم يستثنى من ذلك إلا قوم يونس، وأما من عداهم إذا توافرت الأسباب حقت الكلمة.

وأما لو قرأنا في تاريخ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في الأمم الماضية واللاحقة، في الأمم التي قبل الإسلام، والدول التي جاءت بعد الإسلام، لوجدنا أن كثير من بلدان المسلمين يحذو حذو تلك الأمم التي حقت عليها الكلمة، وحصل ما حصل في بعض البلدان من الأسباب ما حصل، والنتائج حصل فيها ما حصل في العصر الذي نعيشه، وما أشبه الليلة بالبارحة، وإذا كنا نقرأ قصص القرآن في الأمم الماضية على أنها للتسلية، فنحن إذاً لسنا على الصراط " مضى القوم ولم يرد به سواكم " ? لقد كان في قصصهم عبرة? يعني لو قرأنا في المجلد السادس مثلاً من نفح الطيب في تاريخ الأندلس، لوضع الإنسان يده على قلبه، وسأل الله السلامة، وأن يدفع عن المسلمين ما يستحقونه من عذاب، فلا بد من القراءة في هذه الكتب لما ذكرنا، ويقرأ في كتب الأدب، وفيها من المتعة أكثر مما في كتب التاريخ، وفيها أيضاً ثروة لغوية يستطيع العالم أن يبين ما في نفسه بواسطتها، وإن في كثير منها شيء مما لا يقبله ذوق الرجل العادي فضلاً عن عالم ومتعلم، وشيء يستحيى من ذكره، ولكن لا بد من قرائتها، ووجدنا من أهل العلم من يقرأ، ووقع في أيدينا من كتب الأدب المطولة ما عليه إسم بعض كبار أهل العلم والورع، وعليها تعليقات لهم، فدل على أنهم يقرأون في هذه الكتب، ولكن ليس معنا هذا أن يكون على حساب علوم الكتاب والسنة، فهذه يستفاد منها متعة واستجمام، وشيء به يتحدث العالم حينما يشرح لطلابه، ويذكر نكتة من هذه الكتب يريح الطلاب فيها، ويجعلهم يتقبلون ما عنده، فإذا لم يكن في الدرس طرفة، لا شك أن الطالب يمل، وما يشاهد في بعض الدروس من نوم بعض الطلاب إلا أنها ماشية على وتيرة واحدة، فالخروج إلى مثل هذه الكتب والإفادة منها، وإفادة الطلاب، وإلقاء مثل هذه العلوم عليهم، لا شك أنه ينشط الطلاب "والأمور بمقاصدها "، ويستعمل في هذه الكتب المطولة ما ذكرناه من الأقلام، وكتب التواريخ كثيرة جداً، فيها مطولات ومن أنفعها لطالب العلم: الكامل لابن الأثير، وصياغته للأحداث لا نظير لها، وفيه أيضاً لفتات له ـ رحمه الله ـ، وتنبيهات لا توجد في غيره، فعلى سبيل المثال: لما ترجم لابن الراوندي (ملحد)، ذكر عنه ما يستحق من الألفاظ، ثم قال: ترجم له ابن خلكان في وفيات الأعيان، وأشاد به وأطال في ترجمته كعادته في معاملة الأدباء، وبخس العلماء، ولم يذكر عنه ما عرف عنه من زندقة، وكأن الكلب ما أكل له شيئاً من العجين. يعني ما كأن الأمر يعنيه، مع أن العالم هذه وظيفته: بيان الحق من الباطل، فإذا عاملنا ابن الراوندي مثل ما نعامل أئمة الإسلام، وأضفنا عليه من الثناء والمدح، ولو في فنه، مثل ما يضاف إلى علماء المسلمين، كيف يفرق طالب العلم. فالحافظ ابن كثير له تنبيهات مهمة جداً، وله أيضاً عناية بالتراجم، أكثر من ابن الأثير، وأيضاً يفيد طالب العلم من تاريخ ابن خلدون، وفيه تحليل للأحداث، ولا شك أن هذا يفتح آفاق لطالب العلم، فيحلل بها الأحداث المماثلة بدل من أن يتخبط كما يتخبط الناس الآن، مع الأسف حتى بعض طلاب العلم يخرجون في وسائل الإعلام، ثم بعد ذلك يتحدثون عن بعض القضايا المعاصرة، وكأنهم صحفيون، توقعات، ما كأنهم يأوون ويرجعون إلى نصوص، فطالب العلم بحاجة إلى قراءة في كتب التواريخ والأدب.

وكتب الأدب متفاوتة، ففيها المسف، وفيها النزيه إلى حدٍ ما، فزهر الآداب للحصري نزيه إلى حدٍ ما، وأيضاً نزهة المجالس وأنس المجالس لا بن عبدالبر كتاب نفيس، فهذا في كتب أدب الدرس، وأما في كتب أدب النفس فعلى طالب العلم أن يعنى بها عناية فائقة، فالآداب الشرعية لابن مفلح، ومنظومة الآداب لابن عبدالقوي، فهذه في غاية الأهمية لطالب العلم، وأيضاً المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية للشيخ حافظ الحكمي، فطالب العلم عليه أن يُعنى بهذه الكتب، ويستفيد منها من أدب النفس ما لا يجده في غيرها من الكتب، والطريقة في قراءة هذه الكتب على ما ذكرنا، فالمقطع الذي بحاجة إلى حفظه يعلم عليه علامة ما يراد حفظه، والمقطع الذي يراد فهمه، و إعادة النظر فيه كذلك، والذي يراد نقله كذلك. . إلى آخر ما ذكرنا، والكتب كثيرة لا يمكن أن تنتهي، والعلم دربه طويل لا يمكن أن يقطع بمرحلة أو مراحل، فعلى طالب العلم أن يوطن نفسه على هذا، وحين إذٍ إذا صاحب ذلك الإخلاص، والجد فإن طالب العلم حينئذٍ يوفق ويسدد والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* أكرمونا بدعوة صالحة في ظهر الغيب *

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير