[اقتراح في غاية الأهمية]
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[24 - 01 - 06, 03:45 م]ـ
"
بسم الله والحمد لله
من أسهل الأمور على الجاهل أو من لا خبرة له أن يقترح على غيره من العاملين أمراً أو أموراً يعجز هو عن فهم أو إنجاز عشر معشارها، بل قد يكون المقترِح ممن لا معرفة له بأصل ذلك الموضوع أصلاً، فضلاً عن أن يكون له معرفة بتفاصيله؛ وهذا كمن يقترح - من عوام الناس وجهلتهم - على علماء المسلمين مثلاً أن يتحدوا ويتفقوا في كل شيء ويتعاونوا في كل أمر، على اختلاف مذاهبهم وفرقهم، وعلى قوة تمكن الأهواء من أكثرهم؛ أو كمن يستغرب من تفرق البلاد العربية وحكوماتها، ويقول: لو أطاعوني لبينت لهم سبيل الوحدة والاجتماع، ولو استمعوا قولي ليسرت عليهم السير على طرق التقدم والارتقاء؛ إلى أمثلة كثيرة، وكثير منها يستحق أن يسخر به العقلاء، بل يصلح لإضحاك الثكالى في مآتمهمن.
وأنا إنما قدمت بين يدي اقتراحي الآتي بهذه المقدمة، التي لا أُبْعِد أن توصف بالغرابة أو بالمبالغة، لأجل شيء واحد، وهو أن أدفع عن نفسي معرة السذاجة في التفكير وتهمة السطحية في النظر إلى الأمر الذي سأخوض فيه؛ وأسأل الله أن أكون صادقاً في هذه المقالة وموفقاً في تعيين الداء ووصف الدواء، وأن يوفق القادرين على ذلك إلى الأخذ به والعمل بمقتضاه.
ولم أرَ في عيوب الناس عيباً ... كنقص القادرين على التمام
وابتداءً أسأل الله أن يجمع – على الحق - قلوب الدعاة إلى الحق من أهل السنة والجماعة، وأن يزيدهم إيماناً وصدقاً وإخلاصاً وتجرداً، وعلماً وعملاً، وتعاوناً وائتلافاً، وبركة وتوفيقاً.
وأخص من هؤلاء أعضاء الملتقى.
وأخص من هؤلاء المخصوصين: المشايخَ والفضلاء القائمين على هذا الصرح العلمي المتين، والملجأ الحديثي الأمين، والمنارة البيضاء الشامخة الزاهرة، والجامعة الالكترونية الباهرة الساهرة، والمجلة السماوية الميسرة الواسعة، بل المكتبة الحافلة الشاملة الغريبة الماتعة، أعني ملتقى أهل الحديث، الطيب المبارك فيه بإذن الله.
ولكن لي شكاية عامة أليمة مريرة، ومقترح كبير مهم خطير.
فهل يجد هذا الاقتراح من أذن واعية، واهتمام يناسب المقصود؟
هذا ما أرجوه؛ ولو أعلم أنه سيهمل ويترك لآثرت السكوت ابتداءً، فإنه أحمد وأنسب، وكم من متكلم ود لو أنه سكت.
ومع ذلك كله فأنا لا أدري أيما الأليق الأوفق الأرفق؟ هل أواصل فأصرح, أو أنقطع فأسكت؟
ولكنها أمانة التبليغ وحق النصيحة لكل مسلم؛ وهذا هو الذي رجح لي جانب الكلام على ضده وحببّه إلي؛ فأقول مستعيناً بالله وحده:
إن هذا الملتقى قد شهد له الكثيرون من أهل العلم وطلبته المعتد بشهادتهم، أنه أفضل ملتقى عرفوه، وأحسن موقع طالعوه؛ وأنه لا يغني عنه سواه، ولا يدانيه في مرتبته ومنفعته غيره.
وأما الذين يشهدون له بالجودة والبراعة ونحوهما من نعوت الفضيلة والمنقبة فهم خَلقٌ يتعذر – لكثرتهم - تخمين عددهم.
ولكن الذي رأيته، ولم أتنبه له إلا مؤخراً، لأني أقرب إلى أن أكون حديث عهد بالملتقى، هو أن المقالات والبحوث – بل وسائر المشاركات – القديمة، كانت على رتبة عالية من الإتقان والأصالة والعمق والإجادة وعلو المستوى، وذلك من كل الجهات، جهة العلم وجهة البلاغة وجهة الأدب وجهة الذوق والخلق؛ انظروا مشاركات سنتي (2002 و2003) تجدوا مصداق ذلك.
ثم بدأ هذا الوصف يتناقص شيئاً فشيئاً، وصار ذلك الخير يختفي جزءاً فجزءاً، إلى أن اختلف الحال تماماً، وتبدلت الأمور تبدلاًُ ظاهراً؛ فكأن الملتقى الجديد غير ذلك القديم، وكأن الحال الحالي لا علاقة له بالحال القديم.
وأنا لا أعرف من الأسباب إلا واحداً، وهو أن الباب قد فتح على مصراعيه لكل راغب في الاشتراك، فدخل خلق كثيرون ينقص كثيراً منهم كثيرٌ من الأدب والذوق فضلاً عن كثير من العلم والفهم.
ولقد كان هذا يسبب مضايقة شديدة لكثير من مشايخ الملتقى والفضلاء من أعضائه المحققين، الذين أفنوا ما مر من أعمارهم في قراءة متواصلة تكاد تعمى لها الأبصار، إيثاراً لنور البصيرة على نور البصر، وفي سهر دائم وتعب دائب، وأمور كثيرة قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى التقصير في حق الأبناء والأزواج فضلاً عن حق النفس والجسد.
¥