تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثاً: تمَّيز كلامه -رحمه الله- بأنه يؤصِّل ويستطرد، يعني تمَّيز كلامه بتأصيل واستطرد فالتأصيل ما يذكر فيه أصل المسألة ويذكر فيه صورتها ويذكر فيه الحكم عليها ثم يستطرد إمَّا ناقلاً للأقوال التي تؤيِّد كلامه و إمَّا ينقل النظائر التي تدل على أن قوله الذي ذكره صواب وأنه هو الراجح، وأنه هو الذي لا يَسُوغُ القول بغيره في بعض المسائل وإمَّا أن يكون استطراد ببيان أقوال المخالفين في هذه المسألة والرد عليهم () ونظر إلى تأصيله يقف عنده ثم إذا نظر نظرة أخرى ووجد بداية الاستطراد يضع هنا بداية الاستطراد حتى يفرِّق بين كلامه في التأصيل وكلامه في الاستطراد، وكلامه -رحمه الله- في الاستطراد إنما هو – كما ذكرتُ – لأسباب:

* قد يكون يذكر النظائر، والكلام المستطرد لا يراد منه تأصيل المسألة وإنما يُراد منه التدليل على صحة الأصل إما بتقعيد أو تنظير أو استدلال أو نقول أو بِردٍّ على مخالف أو بيان ضعف حجة من خالف ذلك التأصيل، لهذا ينتبه طالب العلم لأنه لا يأخذ كلامه دائماً من المستطردات بل يأخذها من التأصيلات؛ لأنَّ الاستطراد قد يكون – كما ذكرتُ – عنى به شيئاً عَرَضَ فيه لبعض ما يريد من هذه المسألة التي استطرد () كتنظيره لمسألة بمسألة.

مثلاً خُذْ كتابه اقتضاء الصِّراط المستقيم تجد أنه يمكن أن يلخص في صفحات يعني في أربعين ... خمسين صفحة، لكنه يذكر المسألة ثم يستطرد كثيراً، كذلك في أول دَرْء التعارض نجد أنه ردَّ بردودٍ مختصرة ثم بعد ذلك استطرد في أحد الأوجه على إبطال قانون الرازي وأتباعه باستطرادات مختلفة تبيِّن بطلانه إما من جهة التنظير أو النقول والرد عليها – كما ذكرتُ – فيتنبه طالب العلم أنه إذا نظر في كلام شيخ الإسلام يفرِّق ما بين التأصيل والتنظير .. ما بين التأصيل والاستطراد ولا يأخذ المسألة دائماً من الاستطراد.

رابعاً: أيضاً من مميزات كلامه -رحمه الله- أن كلامه يكثر فيه المحكم والمتشابه عنده فيما يقرر محكم وتارة في كلامه إما في الاستطراد أو أحياناً في بعض التأصيل يكون من المتشابه، ونعني بالمحكم ما يتضح معناه، وبالمتشابه ما يحتمل المعنى أو لا يتضح أو يكون مُشْكِلاً على أصول السلف لأن شيخ الإسلام -رحمه الله- كان متابعاً للسلف الصالح لا يخرج عن أقوالهم وخاصَّة أقوال أئمة أهل الحديث كأحمد وباقي الأئمة فهو قد يورد كلاماً قد ينظر إليه العالم أو طالب العلم ويجده مُشْكِلاً وهذا يُسمَّى المتشابه لأن المتشابه موجود في كلام أهل العلم ويُحلُّ هذا المتشابه بالنظر في المواضع الأُخر التي تكلم فيها عن هذه المسألة ويكون في الموضع الآخر جِلاء وإيضاح لهذا الموضع الذي اشتبه على الناظر. فإذاً هذه ينبغي التنبه لها وهي أن في كلامه -رحمه الله- محكماً ومتشابهاً، وهذا إنَّما يعرفه أهل العلم يعرف المحكم المؤصل الذي يوافق كلام السلف ويوافق كلامه هو في المختصرات كما سيأتي في التطبيق وكلامه الذي يشتبه يَحْتمل به أنه يريد به كذا أو يحتمل أنه يريد به كذا فنحمل كلامه على ما نعلمه من طريقته ومن تقريره ومن عقيدته -رحمه الله-.

خامساً: أيضاً من مميزات كلامه أنه يُكثر النقول ويُسْهب في النقل عن أهل العلم وهذا الإسهاب في النقل للتدليل على أنَّ ما ذهب إليه ليس متفرِّداً به أو ليس غريباً، كما أكثر من النقول في مواضع -من- درء التعارض، وفي ردِّه على الرَّازي ... إلى آخر كتبه -رحمه الله-.

سادساً: أنه يكثر الاستدلال، وهذا من مزايا شيخ الإسلام -رحمه الله- أنَّ أدلته التي يوردها كثيرة ومتنوِّعة فتجد أنه يستدل بآيات القرآن استدلالاً مستفيضاً ويستدل بالسُّنن ويُميِّز -رحمه الله- بين المقبول منها وغير المقبول وما أدرجه أئمة السنة قبله في تواليفهم وما لم يوردوه، كذلك يستدل بالإجماع إذا وُجد، كذلك يستدل بالقياس، يستدل بالتقعيد الفقهي، يستدل بأقوال الصحابة فيما يريد تقريره، يستدل بالتنظير وهذه أنواع من الأدلة معلومة في أصول الفقه.

سابعاً: كثرة استعماله لعلوم الآلة: فيكثر من استعمال أصول الفقه، يكثر من استخدام النحو في الموارد التي يحتاجها، يكثر من استخدام ما يحتاجه من كلام المناطقة وكلام المتكلِّمين فيما يريد تقريره أو ما يريد الرد فيه على المخالفين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير