تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولاً: إذا صور المسائل فإنه يصورها - في الغالب – مبنى تصوير الحنابلة -رحمهم الله- في تلك المسائل فإنه درس المذهب الحنبلي وتتلمذ له وقرأه وحفظ منه ما حفظ وتصويره للمسائل التي عرضها مبنيٌّ على تصوير الحنابلة -رحمهم الله- وهذا يعني أن فهم كلامه في الفقهيات لابد أن يُقدِّم الناظر فيه لنفسه بالنظر في كتب الحنابلة حتى يكون تصوير المسألة واضحاً، حتى تكون صورة المسألة في ذهنه مطابقة لما سيصفه شيخ الإسلام ابن تيميَّة ومن الأخطاء في ذلك أن من الناس مَنْ يأخذ صورة المسألة وطريقة عرضها من بعض كتب الشافعية المجموعة أو من بعض كتب المذاهب الأُخر كالمُحلَّى أو نحو ذلك ثم ينظر في كلام عالم كشيخ الإسلام ابن تيميَّة فيحصل له خَلَلٌ يقل أو يكثر في صورة المسألة في الذهن لا شك أنه ما سيكون بعد ذلك من الاستدلال والتعليل سيكون في التصور ناقصاً.

ثانياً: المزية الثانية من كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- أنه يتميز بكلامه الفقهي بسعة اطلاعه على مذاهب الناس فهو واسع الاطلاع في المذهب الحنبلي ويورد الروايات عن الإمام أحمد روايتين وثلاثاً وربما أكثر في بعض المسائل، ويورد الأقوال في المذهب أيضاً وأسماء أصحابها ويورد أحياناً أقوال الأئمة الآخرين بقية الأئمة الأربعة واختلاف الأقوال عنهم وكذلك يستحضر أو هو واسع الاطلاع في معرفة مذاهب السلف في المسائل؛ ولهذا تميَّز -رحمه الله- باستحضار الأقوال في المسألة حتى إنه يستوعب ما قيل فيها، فلا يتكلم في المسألة إلا بعد أن يعرف المذاهب فيها وهذا يورده بكثرة. فطالب العلم إذا انتبه لهذه الخَصْلة عند شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- لا يشتت ذهنه لأن كثرة إيراد المسائل كثرة إيراد أصحاب الأقوال لتلك المسائل هذه قد تشتت الذهن وطالب العلم يهتم أولاً حين قراءة كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة بصورة المسألة قبل معرفة الخلاف ثم معرفة الخلاف العالي فيها في المذهب لأنه هو الذي (درستموه) وتصوره أقرب ثم بعد ذلك ينتقل إلى الخلاف بين الإمام أحمد والأئمة الآخرين ثم إلى خلاف السلف في ذلك أو خلاف الأئمة المتبوعين الذين اندثرت مذاهبهم كاللَّيْث والأوزاعي وابن جرير ... إلى آخر ذلك فإن شيخ الإسلام لسعة علومه يخلط هذه جميعاً وخلطها لا شك أنها من أسباب كونه مجتهداً مطلقاً واطلع على كلام الناس وتوسَّع فيه لكن كثرة نقل الخلاف والأقوال ينبغي لطالب العلم أن يَلْحَظَها حتى لا يتشتت ذهنه حين قراءة كلام شيخ الإسلام ابن تيميَّة في الفقه.

ثالثاًَ: المزية الثالثة من مزايا كلام شيخ الإسلام في الفقهيات كثرة استدلال شيخ الإسلام -رحمه الله- بالنصوص، أعني بالقرآن والسنة، والقرآن يعني بالقراءات والسنة بمختلف الروايات وهذا ظاهر بيِّن فهو يورد الحُجج من الكتاب والسنة وإذا عَرَض للأدلة من السنة فإنه يدخل فيها بالكلام على صحة الأحاديث وعلى الرجال وهذا في تارات ينفرد به؛ لأن نظره فيه نظر مجتهد استقل بالحكم على الحديث واستقل بالاجتهاد في الرجل في بعض الأحيان وإذا نقل كلام علماء الجَرْح والتعديل أيضاً رجَّح ما يظهر له وهذا يعني أن كلامه في ذلك قد يكون موافقاً عليه عند غيره من الأئمة وقد لا يكون مُوافَقاً عليه فطالب العلم إذا نظر دليل مسألة أوردها شيخ الإسلام ابن تيميَّة -رحمه الله- ينبغي له أن ينظر إلى كلام الأئمة الآخرين في هذه (المسألة) حتى يظهر له كيف اجتهد شيخ الإسلام -رحمه الله- في هذا الحديث حتى وصفه بهذا الوصف من الحُسْن أو الصِّحة أو الضعف إلى غير ذلك وشيخ الإسلام يضعف كثيراً بالنظر إلى المتن فهو ينظر إلى المتون لقوة ما أدركه من العلم نظر مجتهدٍ فيضعف ويصحح بالنظر إلى المتن ولو كان الإسناد ضعيفاً ولو كان الإسناد صحيحاُ. فربَّما كان من الأسانيد ما هو ضعيف وحسَّن الحديث لمتنه وربَّما كان من الأسانيد ما هو صحيح وضعف الحديث أيضاً لمتنه والعكس كذلك ربما كان من الأسانيد ما هو ضعيف فصحح الحديث لمتنه وهذه قوة نظرِ مجتهدٍ مطلقٍ وهكذا كان الأئمة أحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة –رحمهم الله تعالى- وغيرهم يفعلون من قوة إدراكهم لقواعد الشرع ومعرفتهم بمقاصد الشارع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير