بل حدثنا بعض من نثق به، أنه ربما كان الأمر كله مفتعلاً للتغطية على حادث العبارة الغارقة في البحر الأحمر، أو غيره من الأمور، لأن مسار الطيور المهاجرة يأتي من مرسى مطروح في الساحل الشمالي لمصر عبر الصحراء الغربية ويتجه لصعيد مصر، فما دخل الدلتا وشمال سيناء بالموضوع؟ ومع هذا أعلنوا عن وجود حالات في هذه الأماكن.
وقد تجولنا في عدد من قرى الريف المصرى، ووجدنا طيورهم حتى قبل كتابة هذا المقال اليوم الثلاثاء مباشرة، وهي مطلقة في شوارع ريف مصر، وعلى أسطح المنازل، وأبراج الحمام كما هي، ورأينا الناس هناك في وادٍ وما يدور في الدنيا عبر وسائل الإعلام والصحف في وادٍ آخر.
بل لقد دفعنا الأمر أن نتناول الغداء عند بعض أهل القرى حين أصر على ذلك، فتناولناه معه، وكنا أشد فرحًا حين وجدنا طيورًا ولحومًا على الغداء!!
إنني ومن هذا المكان أرجو من كافة إخواننا المصريين ترك الهلع والجزع من الأمر، فالأمر لا زال بحمد الله عز وجل تحت السيطرة كما يقال، ولم يفلت من الأيدي، ونرجوهم أن يطمأنوا الناس على أرواحهم وسلامتهم، فالأمر كله بيد الله، ومن يطلبه الموت يدركه لا محالة، ومن لم يأتِ أجله فلن يمت مهما تعددت الأسباب.
ونهيب بإخواننا أخذ الحيطة والحذر والعمل بالطرق الوقائية في هذا السبيل، وأهمها حبس طيورهم في أماكن بعيدة عن التعرض للطيور الغريبة أو المهاجرة أو العصافير والحمام وغيرها.
كما نهيب بهم المعاونة في تجاوز الأزمة الكائنة بالإكثار من تربية الدواجن في أماكنهم المحكمة التي يأمنون فيها على طيورهم، مع مراعاة تسمين هذه الطيور بالطرق الطبيعة المعتادة والأكل الطبيعي الآتي من حقولهم وأراضيهم والابتعاد عن علف المزارع وما به، زيادة في الاحتياط والسلامة.
ونهيب بهم عدم ذبح كافة ما لديهم، فقد ارتفعت اللحمة في يوم واحد من 25 جنيه في بعض المناطق إلى 45 جنيه بمعدل 20 جنيه في يوم واحد، ويتوقع لها مزيدًا من الارتفاع، ولكم أن تتخيلوا حال البلد بعد ثلاثة أشهر، إذا ذبحتم ما لديكم الآن، ولم تجدوا شيئًا إلا اللحمة والجزارين، فبكم ستكون اللحمة حينئذٍِ، وهل ستكفي؟ أم ستضطر البلد للاستيراد المجمد، بما يتبع ذلك من أمراض وبلايا أخرى، إضافة إلى إرهاق الاقتصاد في توفير ما يلزم من مال وخلافه من أجل تيسير الاستيراد.
إن مصر المحروسة تقف على حافة الهاوية، وأنتم يا أيها الشرفاء قد جعلكم الله عز وجل سببًا نظن فيه أن سيكون الخلاص على أيديكم إن حرصتم على ما بأيديكم من طيورٍ، وحرصتم على جلب المزيد وتربيته.
مع الحرص على شراء الطيور المجلوبة للتربية من الفلاحين، والمواطنين الذين يقومون بالتربية داخل بيوتهم، وليس من المزارع، زيادة في السلامة والاحتياط.
وبهذا ستوفرون لنا الدواجن حين الحاجة إليها في الفترة القادمة، وستقللون من نسب الاستيراد، كما ستساهمون مساهمة فعالة في تخفيض الأسعار.
أيها الشرفاء لا تجزعوا من شيءٍ فالأمر بيد الله، وثقوا بنصره لكم إن شاء الله عز وجل، ولا تلتفتوا إلى ما حصل في أوروبا وغيرها، فلستم مثلهم، ولا هم مثلكم في شيءٍ.
أيها التجار الشرفاء: ساهموا في تخفيض الأسعار وتجاوز الأزمة الحالية، وقفوا ضد هؤلاء التجار الذين بدأوا يصطادون في الماء العكر فقاموا برفع كافة المواد الغذائية اليوم، حتى صارت البطاطس التي كانت بنصف جنيه بالأمس: بجنيه كامل اليوم، يعني أنهم رفعوها للضعف.
ولك أن تتساءل مع علاقة البطاطس بالطيور؟
فأقول: لقد علم هؤلاء التجار أن الناس من الآن فصاعدًا ستقبل على المزيد من أكل الحبوب والبقوليات والخضروات والسمك فرفعوا هذه وغيرها أيضًا.
أرأيتم يا شعب النبيل الكريم أنكم تقفون الآن على حافة هاوية إن لم تركنوا إلى الله عز وجل، وتتضرعوا إليه أن يتجاوز عن سيئاتكم، وأن يغفر لكم، وأن تمر هذه الأزمة بسلام، ثم تركنوا إلى الله عز وجل وتتضرعوا إليه أن يلهمكم مزيدًا من الرزق والصبر والحكمة في معالجة الأمور.
ثم تركنوا إليه سبحانه وتعالى، وتلزموا الصمت إن لم تجدوا حقيقة تنطقون بها، حتى لا تزيدوا في الشائعات ما يضركم ولا ينفعكم.
وهنا يتوجّب عليَّ الإشادة بالجهود الجبارة، والمخلصة، التي بذلها المعنيون بالأمر في مصرنا الحبيبة من أجل سلامة المواطنين، ومن ذلك توفير سبل الاتصال الفوري والمباشر مع الهيئات المختصة للوصول إلى مكان الاشتباه في أسرع وقتٍ، حرصًا على سلامة المواطنين.
كما نشيد بالشرفاء من المواطنين وغيرهم الذين يساعدون في تجاوز الأزمة بمالهم وما يملكون.
ونرجوا ممن أعطاهم الله عز وجل مالا أن يقفوا بجوار أصحاب المزارع الصغيرة، وأصحاب المحلات الصغيرة الذين أصابهم الضرر، خاصة أولئك الذين لا يملكون دخلا يوميًا لمعيشتهم سوى ما يدخل لهم كل يومٍ من تجارة الدواجن.
فنهيب بأصحاب الأموال مد يد المساعدة لهؤلاء في محنتهم.
وهكذا فلنكن جميعًا يدًا واحدةً، وإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
وفقك الله يا شعب مصر الأصيل وحفظك من كافة الشرور، وتجاوز الله عنك ما وقع منك من سيئاتٍ، وردَّك الله إليه ردًّا جميلاً، وبَلَّغَك الأمن والأمان، وجعلك زخرًا للإسلام والمسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــ
جزى الله خيرًا كل من يساهم في توعية المواطنين، وينشر فيهم هذا الكلام.