اعتقاده، وإنما يعاقب بهما فى الآخرة.
وهو بضع التسامح الدينى موضع التنفيذ، فيحمى أرواح أهل الديانات الآخرى وأملاكهم، مثلهم فى ذلك مثل المسلمين، ويسمح لهم باتباع دينهم والمحافظة عليه وعلى شعائرهم الدينية ().
ومن الحق الذى لا مرية فيه أن هذا الرفق كان واسع الإطار، يشمل كل شئ .. روت عائشة-رضى الله عنها- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الرفق لا يكون فى شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلى شأنه" ().
وكان قلبه الكبير مصدر هذه الرحابة، كما كان شعوره الرهيف مصدر إحساسية بكل محتاج إلى الرفق، من شيخ متهدم أو عجوز واهنة، ومن امرأة أو طفل أو فقير أو مسكين أو يتيم أو مكروب أو غارم مثقل بالدين، ومن حيوان أو طير أو حشر أو شجر أو ما إلى ذلك.
وعن أسامة بن زيد، رضى الله عنهما: أن رسول الله كان يأخذه فيقعد على فخذه ويقعد الحسن على الأخرى، ثم يضمهما ويقول: " اللهم ارحمهما، فإنى أرحمهما " ().
وعن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستانا لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل، فما إن رأى النبى حتى جن وذرفت عيناه، فأتاه رسول الله فمسح ذفراه، فسكت، وقال الرسول: من رب هذا الجمل؟
فقال فتى من الأنصار: هو لى يا رسول الله؟
فقال الرسول عليه السلام: ألا تتقى الله فى هذه البهيمة التى ملكك الله إياها! فإنه شكا إلى إنك تجيعه وتذئبه ().
وعن ابن مسعود- رضى الله عنه- أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر، فانطلق لحاجته، فرأوا حمرة معها فرخان،فأخذوا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تعرش، فجاء النبى صلى الله عليه وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها ().
وكان من وصاياه لقواده: " لا تحرقوا نخيلاً ولا زرعاً " ().
كما كان من قوله " إن الله يحب الرفق فى الأمر كله" ().
وأما عفوه فكان فوق مرتقى عفو الأنبياء والرسل والبشر جميعاً، حتى إن الكفار أساءوا بما يوصد القلب عن أن تتسرب إليه بادرة من بوادر العفو، ومع ذلك عفا عنهم، بل إنه عفا عمن حمل عليه السيف ليقتله، وعمن قدمت له شاه مسمومة لتقضى على حياته.
وإنك لو قلبت النظر فى تاريخ الأديان ما وجدت فيها سوى مثل واحد توافرت فيه شروط العفو، ألا وهو محمد صلى الله عليه وسلم .. تأمل دخوله مكة دخول الظافر المنتصر، وقد خرت جزيرة العرب صريعة تحت قدميه، وأصبحت مكة قلعة العدو تحت رحمته، فلو شاء لقطع رءوس القوم الذى كانوا بالأمس ألد أعدائه، الذين أبوا عليه أن يعيش فى جوارهم، الذين أخرجوه من وطنه ألجأوه إلى ديار الغربة، الذين اتخذوه هزوا وأمعنوا فى اضطهاده والاستخفاف به، ولو أنه عاقبهم بذنبهم لكان محقاً ولم يكن ملوماً، ولكنه قال لهم: لا تثريب عليكم! اذهبوا فأنتم الطلقاء ().
وأى عفو بين البشر كعفوه عن هند بنت عتبه التى بقرت بطن عمه حمزة فى (أحد) واستخرجت كبده فلاكتها ولفظتها، واتخذت من آذان شهداء المسلمين وأنوافهم خدماً وقلائد. وأعطت خدمها وقلادتها وقرطها وحشياً قاتل حمزة؟! ().
بل أى عفو مثل عفوه حين صفح عن وحشى ذاته؟! وإليك حديثه عن جرمه، قال: قتلت حمزة لأعتق، فلما قدمت مكة أعتقت، ثم أقمت حتى إذا افتتح رسول الله مكة هربت إلى الطائف، فلما خرج وفد الطائف إلى رسول الله ليسلموا تعيت على المذاهب، حتى قال لى رجل: ويحك! إنه والله ما يقتل أحداً من الناس دخل فى دينه وتشهد شهادة الحق!
فلم يرع رسول الله إلا بى قائماً على رأسه أتشهد بشهادة الحق، فلما رآنى قال أوحشى؟! قلت: نعم!، قال: اقعد فحدثنى كيف قتلت حمزة. فحدثته، فلما فرغت قال: ويحك! غيب عنى وجهك، فلا رأيتك!!
فكنت أتنكب رسول الله حيث كان لئلا يرانى حتى قبضه الله .. فلما خرج المسلمون إلى مسلمة أخذت حربتى التى قتلت بها حمزة فتهيأت له، وتهيأ له رجل من الأنصار، ودفتعها عليه، فوقعت فيه، وشد عليه الأنصارى بالسيف، فربك أعلم أينا قتله، فإن كنت قتلته فقد قتلت خير الناس بعد رسول الله، وقد قتلت شر الناس ()
وهكذا يظل العفو المحمدى أسمى العفو، وأخلصه، وأصفاه، وأدخله فى باب الحق والعدل، لأن الرسول كان لا يعاقب إلا حيث يعتدى على دين الله، ونحارب كلمته فى الأرض.
فأى إنسان مشرق كان محمد صلى الله عليه وسلم
إنسانيات محمد. . ص (60).
رواه أبو داود
إنسانيات محمد. . ص (136).
مختصر الزبيدى 3/ 305.
المثل الأعلى فى الأنبياء. . ص (191).
تاريخ الفتح الإسلامى. . ص (104).
تاريخ الفتح الإسلامى. . ص (102
ارجو من الاخوه نشرها اوترجمتها لاطفال الدنمارك وأرسالها
[,والله يحفظكم ويرعاكم.
ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[27 - 02 - 06, 04:17 ص]ـ
هذه أفضل فرصة للتعريف بالنبي الكريم، والأرضية الآن خصبة جدا جدا لذلك، فعلى المسلمين في المهجر شد حيازيمهم، والنشاط في هذا الاتجاه، سواء بالمحاضرة وبالتعريف، والمقالات، وبالتأليف والترجمة .... فالله الله في نبيكم معشر المسلمين، وانصروه تنصروا أنفسكم، وترضوا ربكم، وفقنا الله وإياكم لكل خير ..
فالرجاء من الأخوة الكرام تعميم هذا النداء، والتوطئة له والتفكير في هذا الاتجاه ... والسلام.
¥