قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: وطريق النجاة من الفتن هو التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما رُوي ذلك عن علي مرفوعاً: تكون فتن: قيل: ما المخرج يا رسول الله؟ قال ك كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وفصل ما بينكم.
وإليك أنموذجاً من سيرة سلفنا الصالح في حرصهم على الاعتصام بالكتاب والسنة عند وقوع الفتن والمحن، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال: لما وقع من أمر عثمان ما كان وتكلم الناس في أمره أتيت أبي بن كعب فقلت: أبا المنذر ما المخرج؟ قال: كتاب الله.
ثانياً: الالتفاف حول العلماء
أولئك العلماء الربانيون أئمة أهل السنة والجماعة في وقتهم، فالالتفاف حولهم عامل معين على عدم الزيغ والانحراف في وقت الفتن، وكيف لا وهم أنصار شرع الله والذين يبينون للناس الحق من الباطل والهدى من الضلال ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر"، فلا بد من الالتفاف حولهم بحضور حِلَقِهِم العلمية وزيارتهم زيارات دورية حتى لا تنقطع علاقاتنا بهم، وحتى لا يجد أعداء الإِسلام فجوة يستطيعون الدخول عن طريقها للنخر في الإِسلام، وقد حدثت في التاريخ الإِسلامي فتن ثّبت الله فيها المسلمين بعلمائهم ومن ذلك ما قاله علي بن المديني رحمه الله:" أعز الله الدين بالصديق يوم الردة وبأحمد يوم المحنة ".
فيا شباب الإَسلام التفوا حول علمائكم فإنهم القدوة، والمربّون وهم العون لكم بعد الله في هذا الطريق وفي هذه الفتن، فالزموهم وعيشوا في أكنافهم، وإياكم والوحدة فتتخطفكم الشياطين فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، ولا تتركوا مجالاً لأعداء الإِسلام يبثوا سمومهم ومقالاتهم لزعزعة الثقة بين العلماء والمجتمع وبين العلماء وشباب الإسلام، وقد كان السلف الصالح عند تغير الأحوال يلتفون حول علمائهم وإليك نماذج من ذلك.
1. عن بشير بن عمرو قال: شيَّعنا ابن مسعود حين خرج، فنزل في طريق القادسية فدخل بستاناً فقضى حاجته ثم تؤضأ ومسح على جوربيه ثم خرج وإن لحيته ليقطر منها الماء فقلنا له: اعهد إلينا فإن الناس قد وقعوا في الفتن ولا ندري هل نلقاك أم لا، قال: اتقوا الله وأصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع أمة محمد على ضلالة.
2. عندما دخل أبو موسى الأشعرى المسجد وإذا به يرى أناساً متحلقين في المسجد في كل حلقة واحد يرمون بحصىً معهم كلما رموا بحصاة قالوا: كِّبروا الله مائة، فذهب أبو موسى إلى ابن مسعود: فبماذا أمرتهم؟ فقال أبو موسى: ما قلت لهم شيئاً انتظار أمرك.
3. ما ذكره ابن القيم عن دور شيخه شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله في التثبيت: " وكنا إذا إشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض أتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه فيذهب ذلك كله عنا ".
ثالثا: لزوم الجماعة
يقول الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة "ويقول عليه الصلاة والسلام: " الجماعة رحمة والفرقة عذاب"
فالمخرج عند حدوث الفتن والحوادث لزوم جماعة المسلمين، والجماعة ليست بالكثرة ولكن من كان على منهج أهل السنة والجماعة فهو الجماعة، يقول عبد الله بن مسعود: لو أن فقيهاً على رأس جبل لكان هو الجماعة، ولذلك سطر السلف الصالح عبر التاريخ هذا المبدأ، وإن من طرق النجاة من الفتن والحوادث لزوم جماعة المسلمين وإليك نماذج من ذلك:
1 - قال حذيفة رضي الله عنه:" كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير كنت أسأله عن الشر مخافة أن يد ركني، فقلت: يا رسول الله إنَّا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال قوم يهدون بغير هدى تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك هذا الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم "
¥