تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وظل الدكتور حميد الله مناصراً ومؤيداً لحركات التحرر الإسلامية في الجزائر وفلسطين وتونس وكذلك بالطبع لأهله في حيدرآباد.

وكان يفتي بجواز استخدام بعض الأسماء باللغات المحلية للدلالة على اسم الذات الإلهية مثل (خدا) في الأردية كما انه كان يعتقد أن اسم الحاكم في الثقافة الاسلامية غير وقفي، وإنما هو اصطلاحي يصطلح عليه الناس كالخليفة، الملك، السلطان، أمير المؤمنين، رئيس الجمهورية .. الخ. وكانت له صلات متينة بأفريقيا حيث عمل في جنوب أفريقيا رئيساً لقسم الدراسات الإسلامية في جامعة درم في ويست فالي بجنوب أفريقيا، وأسس فيها مجلة "العلم" الناطقة بالانجليزية.

عاش الدكتور حميد الله في شقته دون خادم أو تلفون أو حتى راديو أو تلفاز، ولم يسعد بشريكة حياة حيث عاش أعزب، وعزا ذلك إلى أنه كان يسعى في المرحلة الأولى من حياته لإعالة أسرته الكبيرة ولمتابعة شئونه العلمية، ثم وجد نفسه لاجئاً، وبينما هو في هذا الخضم فاته قطار الزواج، فآثر أن يشق طريقه كواحد من العزاب الذين خدموا الثقافة الإسلامية ابتداء من الغزالي وابن تيمية ومرورا بسيد قطب. وعاش الدكتور حميد الله زاهداً متنسكا مثل الصحابي الجليل أبي ذر رضي الله عنه، ... يسير وحده ويموت وحده! ومات الدكتور حميد الله ولم يخلف إلا مكتبته. ومن المفارقة الغريبة أنه سطا محتال قبل مماته بسنوات على دريهمات له كانت بحسابه [17] في البنك. وانتهى به الحال ضيفاً على أبناء إخوانه الذين كان تولى الإنفاق على تعليمهم وتربيتهم. وحينما لفظ أنفاسه الأخيرة لم يتجاوز عدد مشيعيه الذين انزلوه إلى قبره الستين صلوا عليه ودفنوه وهو الذي ملأ الدنيا بعلمه وخدمته للملة الإسلامية. ولكنه سيظل بعد مماته يحكم العقول والقلوب بما تركه من مؤلفات ومخطوطات. وونتطلع إلى أن تصبح مكتبته العامرة وقفاً الإسلام والمسلمين.

وداعاً أيها الدكتور محمد حميد الله ... وداعاً أيها الإنسانِ العظيم ... أيها العالمِ الفذ ... يا من عرف ربه فأفني حياته في خدمة دينه ... ويا من آثر الباقي على الفاني.

وداعاً لرجل ارتفع بإيمانه الصادق فوق هذه الدنيا حقيقةًً لا كلاماً، فكان منذ عرفنَاه أكبر من هذه الدنيا، وأزهد الناس بها، في طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه، وفي تواضعه، ونأيه بنفسه عما يتهافت عليه الناس، من الشهرةِ والتكريم والمكاسبِ والمناصب والمتعِ والملذات. ولو أراد شيئاً من ذلك لبلغ إلى الكثير منه دون عناء ..

وداعاً لرجل عاش في الغرب فلم يفتنه الغرب، ولم يخلف عليه لوثته، وحيثما حل وأقام أصبح منارة هادية، ودعوَة دائبة، وتعريفاً حياً بالإسلام، وفضائل، بلسان حاله، ليس بمجرد مقاله، تعريفاً رائعاً ما يزال له في كثير من النفوسِ أجمل الآثار، وما يزال يفتح القلوب لدعوةِ الله عز وجل، ويولد لها عند المنصفين المحبةَ والإعجاب والإكبار.

ذاكر الأعظمي

الرياض – المملكة العربية السعودية

جوال: 00966540478905

[1] د. أحمد عبد القدير "د. محمد حميد الله كى علم دوستي (الدكتور محمد حميد الله وشغفه بالعلم) "، مجله عثمانية، كراتشي، ابريل-يونيو 1997م، ج. 1، عدد 4، ص. 55.

[2] شاه بليغ الدين "ايك عالم ايك محقق (عالم ومحقق) "، مجلة عثمانية، كراتشي، كراتشي، ابريل-يونيو 1997م، ج. 1، عدد 4، ص. 23.

[3] د. محمد سعود عالم قاسمي "د. محمد حميد الله اور اسلامي علوم كي تحقيق (د. محمد حميد الله وخدماته في البحوث العلمية الإسلامية) "، مجلة تحقيقات اسلامي، علي جراه، الهند، يناير-مارس 2003م، ص. 96.

[4] ذكر ياقوت حمودي في معجم البلدان بأنه تعرف هذه القبلية بالنوايت أو النوايط وهي تسلك مسلك الشافعي، المرجع السابق، ص. 23.

[5] أيضاً.

[6] لطف الرحمن فاروقى "د. محمد حميد الله ايك بى مثال محقق (د. محمد حميد الله باحثاً نادراً) "، مجلة دعوة، اسلام آباد، العدد الخاص بالدكتور محمد حميد الله، مارس 2003م، ج. 9، عدد 10، ص. 45.

[7] د. محمد سعود عالم قاسمي، المرجع السابق، ص. 96.

[8] أيضاً.

[9] مجلة "فكر ونظر"، العددد الخاص بالدكتور محمد حميد الله، ج. 40 - 41، ص. 13 - 14، أبريل-سبتمبر 2003م، معهد الدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية، إسلام آباد، باكستان.

[10] رشيذ شكيب، "جهره نما"، مجلة عثمانية، ص. 19.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير