تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عتاب قاس ٍ، وإنذار عاص ٍ

ـ[المقرئ]ــــــــ[12 - 08 - 06, 02:58 ص]ـ

مقال استفدت منه

كثيرون هم الذين يُدركون عقيدة السلف نظريا، ويحسنون الرد على الفرق المخالفة حتى المنقرضة منها، وهو وإن كان مكسبا علميا، ومَطلبا شرعيا، ورصيدا وافرا في الميدان العلمي، والتراث الإسلامي، ولكن مع هذا كله نرى بونا شاسعا بين القدرة على تقرير عقيدة السلف وبين القدرة على اللحاق بهم في أعمالهم وسلوكهم، نرى تنافرا عظيما بين التقرير والتنظير، وبين التطبيق والعمل

بين العلم والعمل نشأت هوة سحيقة يراها كل ذي عينين، والأزمة تزاد تأزيما حين يكون الأمر من القائمين بالتربية!! وهم محط القدوة والتأثير، وكفى النفس توبيخا، والقلب تقريعا قول الله تعالى في هذا الصنف (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) بل وصف الله المنافقين بذالك فقال تعالى (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم) ولو تدبرنا أسباب هذه المصيبة لوجدنا أن من أعظم الأسباب الجالبة لهذه الأزمة: الإغراق في القول، وإكثار التنظير والذي كثيرا ما يكون على حساب العمل،ولعل هذا يبين لنا بعض الحكمة في قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح ابن حبان: َإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي الثَّرْثَارُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ) وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كره لكم ثلاثا قيل وقال.الحديث) وهو التوسع بالكلام وكثرته ومن صفاته صلى الله عليه وسلم أنه يتكلم بما يحصل به البلاغ كما جاء في الصحيحين في وصفه أنه لو عده العاد لأحصاه وكانت خطبته قصدا كما في صحيح مسلم فبينما المتكلم منشغل بحديثه وجداله إذا هو قد حجب عن ثمرة العلم وهو العمل قال الحسن البصري واصفا لهم: هؤلاء قوم ملوا العبادة وخف عليهم القول وقل ورعهم فتكلموا، ومن مراسيل مجاهد رحمه الله: إن تشقيق الكلام من الشيطان، بل جاء عند ابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: البيان من الله والعي من الشيطان وليس البيان بكثرة الكلام ولكن البيان الفصل في الحق وليس العي قلة الكلام ولكن من سفه الحق) وهذا أمر مشاهد وملاحظ كم من الناس تجده كثير التأطير، له في كل أمر رؤية، وعلى كل خطير ملاحظة، منشغل بالتحليل والتشخيص وقد نسي نفسه وكأنه قد انتهى منها، ما أسهل أن تدرك وتعلم وما أصعب أن تعمل وتطبق، إن الإفراط في التركيز على التقرير النظري الكلامي يفرز لنا مخرجات أكاديمية متعلمة = لكنها لا تستطيع تغيير أنفسها، ولا واقعها، ولا المساهمة في إصلاحه، وكم نظّر المنظرون ولما حملوا المسؤولية وباشروا الواقع العملي اصطدموا فأخفقوا لعدم اهتمامهم سلفا بالجانب العملي، وعدم اللياقة على جو لم يعتادوا عليه، إن العلم النافع المثمر هو ما قاد النفس إلى العمل بما تطالبه من غيرها، بما تنظره لبني جلدتها، هذا هو العلم الحقيقي المثمر والمؤثر، مالذي جعل علم اليهود سببا لغضب الرب جل وعلا؟ وما الذي جعل العالم أول من تسعر به النار يوم القيامة؟ وما الذي جعل الواعظ المتكلم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر تدور أقتابه في النار كما يدور الحمار بالرحا؟ وما الذي قال الله عنه (كبر مقتا)؟ إلا عدم العمل وجعل هذا العلم أو هذا الفكر مجرد تنظير ونقد وثلب، نعم هناك من الناس من علمه إنما هو الردود والانتقادات، وغيرته على دين الله إنما هي بأكل لحوم الناس والكبراء، غيرته في الهدم لا في البناء، غيرته منحصرة بالهدم لا بالتأسيس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير