تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

14. أن الفاضل ينبغي أن لا يؤذى، وإنما يحفظ حقه وينشر فضله؛ كما أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "هل أنتم تاركو لي صاحبي" فينبغي أن يشهر وتنشر فضائله بين الناس؛ إذا كان له سابقة وفضل، وأن ينوه بسابقته وفضله حتى يترك الناس إيذاءه ويعرفوا مقداره وقيمته وحقه، فيكفوا شرهم عنه. فقال - عليه الصلاة والسلام-: "إني رسول الله إليكم جميعاً فقلتم: كذبت وقال أبو بكر صدقت، وواساني بنفسه وماله فهل أنت تاركوا لي صاحبي"، فنوه بفضله، وقيمته، ومنزلته حتى لا يعتدي عليه.

15. أن الإنسان المخطئ عليه أن يخشى على نفسه من العقوبة: ولذلك عمر - رضي الله عنه- لما جاء جلس عن يمين النبي - عليه الصلاة والسلام - ثم عن شماله ثم بين يديه، ثم قال: يا رسول الله فما خير الحياة وأنت معرض عني. يقول إذا أنت غضبت علي فلا خير في العيش لي، إذا غضبت علي فلا يمكن أن يطيب لي عيش، وأنت علي غضبان.

16. ينبغي استرضاء العالم والقدوة والكبير إذا غضب، ويسارع إلى التخفيف من غضبه، ويبادر إلى الاعتذار منه، وطلب عفوه ومغفرته.

17. فضيلة الإعلان بالرجوع عن الخطأ؛ لأن بعض الناس لا يقوى على الإعلان بالرجوع عن الخطأ، وإنما يريد أن يعتذر سراً وليس أمام الناس ولكن أبا بكر يقول و يعتذر أمام الناس "أنا كنت أظلم" أمام الجميع، وعمر جاء يعتذر أمام الجميع فلم يكن ليمنعهم عن إظهار الاعتذار أن يكون بعض الناس حاضرين ويقولون كما هو لسان حال بعض الناس اليوم يقولون نحفظ ماء وجوهنا؛ وإنما الصحابة ليس عندهم مانع أن يعتذر الإنسان ويعترف بخطئه أمام الآخرين.

18. أن أفضل رجلين في الإسلام بعد النبي - عليه الصلاة والسلام- ما نقص من قدرهما، ولا من قيمتها أنهما أخطئا، فرجعا عن خطئهما: فهذه القصة نشرت وذكرها المؤلفون في كتبهم، فلا يجد الإنسان في نفسه حرجاً من أ نه إذا أخطأ أن يتوب ويعتذر ويطلب العفو والمسامحة، فخطأ أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما- يعلمنا كيف نتعامل مع من أخطاء، وكيف نعتذر، وهذه من بركتهما أنهما أخطأ من أجل بيان ما ينبغي عليه الإنسان إذا أخطأ على صاحبه ورفيقه.

19. ومن الفوائد أهمية تقديم المال والدعم للدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى-: وأن الإنسان إذا قدم المال والنفس للدعوة إلى الله، فإن ذلك مما يرفع قدره ومنزلته، ويستوجب صيانة حرمته، والكف عن إيذائه؛ لأن التقديم في سبيل الدعوة عبادة عظيمة ومنفعته نفعه متعديه للآخرين، من نشر العلم وإيصال والهداية إلى الآخرين، والتسبب في إنقاذ ناس من النار ولذلك الصديق من أسباب علو منزلته قال: وواساني بنفسه وماله فتصديق أبو بكر للداعية الأول، النبي - صلى الله عليه وسلم- مواساة بالنفس، فقد عرض نفسه للخطر في عدد من المواضع من أجل النبي - صلى الله عليه وسلم- وواساه كذلك بماله، فتقديم الجهد، وتقديم التضحية لا شك أن لها فضل عظيم؛ لأن الدعوة مجال لهداية للناس ونشر النور إلى الآخرين.

20. إن الإنسان كلما كانت سابقته أقدم في الدعوة وتقديمه أكثر من غيره كلما كان أفضل: ولذلك الله - عز وجل- قال: {لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى} ([8]) فالذي أنفق في وقت غربة الدين، وفي وقت ضعف المسلمين في المرحلة المكية، وفي زمن الاضطهاد وفي وقت الحاجة الماسة؛ لا شك أن بذله أكثر أجراً من غيره ممن بذل في وقت الرخاء والسعة.، ولذلك فإن المبادرة لتقديم والعطاء والبذل في الدعوة وفي سبيل الله يكون أجره أكبر وأعظم ممن تأخر ولم يسارع؛مع أن لكلهم أجر، وكلاً وعد الله الحسنى.

قصة أخرى تشابه قصة العمرين مع التعليق عليها:

هذه القصة حصلت مع أبي بكر - رضي الله عنه- وربيعة الأسلمي - رضي الله عنه- وفيها شيء مما يجب أن يكون أيضاً في الخصومة بين الإخوان، وهذه القصة سندها جيد رواها الإمام أحمد - رحمه الله- في مسنده عن ربيعة الأسلمي قال: (كنت أخدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: يا ربيعة ألا تزوجت؟ قلت: والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج - عرض عليه الزواج لما في الزواج من صيانة العرض والدين- قال: ما عندي ما يقيم المرأة؛ - نفقة ما عندي- وما أحب أن يشغلني عنك شيء. أخشى أن الزوجة تشغلني عنك وعن خدمتك يا رسول الله! يريد أن يخدم النبي -

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير