على الإنسان ألا يتكلف فوق طاقته، وعلى الضيف ألا يشق على المضيف، ولهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: (لا تذبحن ذات در) أي: ذات اللبن لا تذبحها، ولكن اتركها للبن؛ لتستفيد منها في الحلب، دع الحلوب لتستفيد منها واذبح غيرها، فيرشد الضيف إلى انتقاء ما لا يضر بمصلحته، أو ما لا يحرمه من الانتفاع به.
الثانية عشرة: المكافأة على المعروف:
فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما طعم عنده سأله، قائلاً له: (هل لك خادم؟) قال: لا، قال: (فإذا أتانا سبي فأتني) ولما أتاه السبي كافأه بعبد على هذه الوجبة.
الثالثة عشرة: مشروعية الاستشارة:
على الإنسان أن يأخذ رأي الصلحاء والعقلاء في اختيار الأشياء؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- لما أحضر الرأسان وأتاه أبو الهيثم قال - عليه الصلاة والسلام -: (اختر منهما) فقال: يا نبي الله! اختر لي أنت، أي أنت: أعلم بمصلحتي من نفسي فاختر لي.
الرابعة عشرة: المستشار مؤتمن ([12]):
فالنبي - صلى الله عليه وسلم- قال في حقوق الأخوة: (وإذا استنصحك فانصح له) ([13]) فهذا أمر يدل على الوجوب، فلا بد أن تبذل له الوسع في نصحه، فلا تختر له بدون تفكير وتأن، وإنما يجب أن تفكر وتجتهد وتبذل الوسع في الدلالة على الخير، وتخبره هل هذا أفضل له أم غيره؟! وهذه مسألة تحتاج إلى تحر ونظر وتفكير.
صفات المستشار المؤتمن:
أولاً: أن يعرف ظرف المستشير وحاله وقدرته.
ثانياً: أن يفكر وينظر في المسألة.
ثالثاً: يستشعر بأن القضية أمانة.
رابعاً: ألا يكتم رأياً فيه المصلحة لمن استشاره، بل يؤديها بكل نصح ووضوح، لا كما يفعل بعض الناس ويقول: سأشير عليه في أي شيء، قد لا يكون مفيداً أو فائدته بسيطة، وأسبقه إليه فهذا لا يجوز، فما دام قد استشارك وعرض عليك الأمر فلا بد من الوفاء. وبعض الناس من خيانتهم في الإشارة أنهم إذا جاء رجل يقول: عندي صفقة تجارية مع فلان كذا ومع فلان كذا، فيقول له: خذ هذه واترك تلك ويدله على الأقل!! ثم يذهب ويأخذ تلك ويسبقه .. فهذه خيانة، ومن خيانة المستشار أن يكتم المصلحة, ولا يفكر جيداً فيما يشير به.
الخامسة عشرة: بيان خطورة البطانة:
فهذه المرأة لما كانت بطانة صالحة لزوجها أشارت عليه بعتق العبد, والنبي – صلى الله عليه وسلم - لما قال: (إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً, ومن يوق بطانة السوء فقد وقي) ([14]) وترجع خطورة البطانة للآتي:
أولاً: لأنهم يعرفون أسرار الإنسان.
ثانياً: لأن العادة - في الغالب - أنه يتأثر منهم، ويقتنع بإشارتهم, ويعمل برأيهم، فإذا كانوا بطانة خير كانت أعماله خيراً؛ لأن البطانة يشيرون عليه بالخير، وإذا كانوا أهل سوء فهو يتأثر بهم؛ لأنهم ندماؤه وجلساؤه وأهل ثقته وخاصته والمقربون إليه! فإن دلوه على شر فإنه سيفعل شراً - في الغالب- فمن وقي بطانة الشر فقد وقي.
السادسة عشرة: الشر محيط بنا!
فالإنسان لا يكاد يسلم من بطانة سوء: إما صديق سوء، أو قريب سوء، أو زوجة سوء، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان) وذلك لأن النفس أمارة بالسوء، فيجب على العبد مجانبة الشر مهما استطاع.
السابعة عشرة: اختيار الخليل الصالح:
فالسعيد من وقي بطانة السوء، وأنه يجب على الإنسان أن ينقي بطانته فينخلهم نخلاً، وينظر في هؤلاء المقربين إليه جلسائه، وأصدقائه ندمائه، وأصحاب سره وأهل ثقته, من منهم الصالح؟! فيحتفظ به ويضعه على رأسه , ومن منهم صاحب السوء؟! فهذا يتخلص منه ويستغني عنه ويبيعه؛ لأنه لا خير للإنسان في الاحتفاظ ببطانة السوء، ولا يكاد يوجد إنسان منا إلا ويختلط بأشخاص سيئين، وأشخاص طيبين، ولكن قد يكون عند الواحد وجود الطيبين أكثر, وعند واحد وجود السيئين أكثر، ولا يسلم أحد من التعرض لشخص سيئ، فينبغي تركه وهجره ومقاطعته والاستغناء عنه. ([15])
الثامنة عشرة: أهل الشر يحكمون التخطيط للشر:
¥