تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: الخروج مع الضيف إلى باب الدار: ينبغي للمضيف أن يخرج مع ضيفه إلى باب الدار، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: [من السنة إذا دعوت أحداً إلى منزلك أن تخرج معه حتى يخرج] ([21]) وهذا من مكارم الأخلاق.

ثالثاً: كذلك من السنة للضيف أن لا يقعد في صدر المجلس إلا إذا أذن صاحب البيت؛ لأن صاحب البيت أحق بصدر مجلسه، وصدر دابته من غيره.

رابعاً: صون العين عن عورات المنزل: إذا جلس الضيف في المجلس فلا يجلس في المكان الذي يرى فيه ما وراء الباب إذا انفتح، أو ما وراء الستار حتى لا يطلع على عورات صاحب البيت.

قصة لطيفة:

وقد حدثت قصة لطيفة بين أبي عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله - والإمام أحمد .. وأبو عبيد من كبار أئمة اللغة، والإمام أحمد - رحمه الله - معروف من هو؟ قال أبو عبيد القاسم بن سلام: زرت الإمام أحمد، فلما دخلت قام فاعتنقني وأجلسني في صدر مجلسه، فقلت: أليس يقال: صاحب البيت أو المجلس أحق بصدر بيته أو مجلسه؟ قال: نعم يَقعُد ويُقعِد من يريد. أي إذا كان هذا حقه فآثر به آخر فإن له الحق أن يجلس، قال أبو عبيد: قلت في نفسي: خذ يا أبا عبيد فائدة! ثم قلت: لو كنت آتيك على قدر ما تستحق لأتيتك كل يوم، يعني: يا أحمد تستحق أن يأتيك الواحد كل يوم؛ لما يوجد عندك من الفائدة، وأنه يجب أن يقدرك، قال: لا تقل ذلك فإن لي إخواناً ما ألقاهم كل سنة إلا مرة، أنا أوثق في مودتهم ممن ألقى كل يوم، أي: يوجد ناس بيني وبينهم علاقات، ما ألقاهم في السنة إلا مرة، أعز عليّ من أناس أراهم كل يوم. فالمسألة ليست بكثرة الترداد، وإنما بالمنازل التي في القلوب، قال: قلت هذه أخرى يا أبا عبيد، فلما أردت القيام قام معي، قلت: لا تفعل يا أبا عبد الله! فقال: قال الشعبي: من تمام زيارة الزائر أن تمشي معه إلى باب الدار، وتأخذ بركابه، قلت: يا أبا عبدالله! من عن الشعبي؟ قال ابن أبي زائدة عن مجاهد عن الشعبي يعني السند الذي بينك وبين الشعبي كم؟ قال ابن أبي زائدة عن مجاهد عن الشعبي، قلت: (هذه ثالثة يا أبا عبيد). وهكذا كان السلف - رحمهم الله تعالى- يتعلمون ويذهب بعضهم إلى بعض من أجل أن يتعلموا الفوائد.

إبراهيم عليه السلام يعلم الناس الضيافة:

لقد ضرب إبراهيم الخليل -عليه السلام- المثل العظيم في إكرام الضيف؛ فإنه جاءه ضيوف من الملائكة كما قال –تعالى-: ((هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذا دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم)) ([22]).

آداب الضيافة كما في قصة إبراهيم مع ضيوفه:

هذه الآيات اشتملت على آداب الضيافة من قبل إبراهيم الخليل - عليه السلام - فتعالوا بنا ننهي هذا الموضوع باستعراض بعض الفوائد في الضيافة التي حصلت من إبراهيم الخليل - عليه السلام -:

أولاً: أنه قرب الطعام إليهم: ولم يأمرهم بالقيام إلى الطعام, وهذا واضح من قوله: ((فقربه إليهم)) حتى يكفيهم مؤنة الإتيان إلى الطعام، فمن التكريم أن تأتي بالطعام إلى الضيف، لكن مع كثرة الأطعمة التي نضعها اليوم يمكن أن الواحد يمكث نصف ساعة وهو ينقل الأطعمة إلى الضيف، ولذلك لو أنه جهز السفرة ثم قربهم إليها فلا بأس بذلك.

ثانياً: السرعة في الإتيان بالطعام: من أين أخذناه؟ من حرف الفاء ((فجاء بعجل سمين)) وليس: ثم جاء، فإن الفاء تدل على الترتيب والتعقيب، أي المباشرة والسرعة.

ثالثاً: إحضار الطعام بدون إعلامهم لئلا يحرجوا، وبعض الناس يقول: هل تريدون غداءً؟ لو كان صادقاً لأتى بالغداء قبل أن يخبرهم، وأما إبراهيم الخليل فإن الله قال عنه في الآية: ((فراغ إلى أهله)) وراغَ: ذهب خفية لئلا يحرجهم، فما أحسوا به لما ذهب، بل انسل خفية وأتاهم بالطعام.

رابعاً: اختيار أحسن الطعام: ((فجاء بعجل سمين))، وفي الآية الأخرى ((فجاء بعجل حنيذ)) والحنيذ ما هو؟ إنه المشوي على الحجارة المحماة، وهو ألذ الطعام وأصحه، فالمشوي على الحجارة المحماة من أحسن اللحم فاسأل به خبيراً، والمقصود أنك إذا سألت الذين يشوون على الحجارة لقالوا إن ذلك اللحم لذيذ جداً، ويقال أن طعام الكبراء من هذا النوع؛ لأن فيه صحة ولذة، ونضجاً على الحجارة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير