تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ووجه هذه الخشية أن البكاء يبعثه على التفكر والاعتبار فكأنه أمرهم بالتفكر في أحوال توجب البكاء من تقدير الله تعالى على أولئك بالكفر مع تمكينه لهم في الأرض وإمهالهم مدة طويلة ثم إيقاع نقمته بهم وشدة عذابه وهو سبحانه مقلب القلوب فلا يأمن المؤمن أن تكون عاقبته إلى مثل ذلك فمن مر عليهم ولم يتفكر فيما يوجب البكاء اعتبارا بأحوالهم فقد شابههم في الإهمال ودل على قساوة قلبه، وغفلته، وعدم خشوعه، فلا يأمن أن يجره ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم فيصيبه ما أصابهم وهذا من شدة خوفه صلى الله عليه وسلم وتوقيره لربه

ألسنا من يعمل المعصية وننسى أننا اقترفنا ذنوبا، ونخرج إلى الناس ننتظر المديح والثناء والإطراء،هاهم رسل الله يخافون الانتكاس ولا يأمنون من مكر الله، هاهم يخافون عقوبة الذنب ولا أدل من قول نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام وهو يقول لقومه [ياقوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وءاتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير "

عجبت أشد العجب عندما ذكرت هدي النبي صلى الله عليه وسلم في سفره =واستشعاره لهذه القضية، فلما كان السفر وتغير المكان عاملا قويا للتحول والتغير والانتكاس كما هو ظاهر في واقع بعض الناس اليوم عند سفرهم إلى بلاد الكفار ونحوهم، فعهدك بالرجل مواظبا على الصلاة لا يجالس إلا الأخيار جادا في حياته، بعيدا عن الإسفاف والجهل إذا به بعد الإجازة والسفر قد تغير حاله، وفسد خلقه ومزاجه، فكان رسولنا صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن سرجس - إذا أراد السفر يستعيذ من الحور بعد الكون أو الكور وهو الرجوع من الإيمان إلى الكفر أو من الطاعة إلى المعصية وأعم من ذلك الرجوع من شيء إلى شيء من الشر والعياذ بالله وكلنا يعلم أسفار النبي صلى الله عليه وسلم لأجل ماذا فهو إما في هجرة أو غزو أو حج وعمرة ودعوة ومع هذا يردد هذا الدعاء العظيم عند سفره وهذا غاية في الخوف والحذر فقل لي بربك كيف تفسر عدم المبالاة عند بعض الناس عندما يقارف المعاصي والذنوب إما بترك واجب أو فعل معصية فلا يستشعر خطر هذا الأمر ونهايته،! بل يريك من التكبر والأنفة ما يجعلك تأسف له وتحزن عليه وأنت تراه في خطر عظيم، فما أشد خطر الكبر بمقارفة المعصية وما قصة ذاك الرجل ببعيد عنا وقد كان يجر إزاره من الخيلاء، تعجبه نفسه وهو مرجل جمته إذ خسف الله به في الأرض فهو يتجلجل إلى يوم القيامة كما في الصحيحين وأما أهل الإيمان فإنهم إذا فعلوا معصية أو إثما أو فاحشة ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله " وإذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال بيده وأشار فوق أنفه

فما أهون العباد على الله إذا هم عصوه، ونسوه،

فما حيلتي وحيلة العصاة أمثالي، قد مللنا من أنفسنا وتفريطنا، الأمر جلل وخطير، والحادي والسائق قريب ولا زالت نفوسنا منشغلة بما يضرها ولا ينفعها، لازالت سياط التأنيب رطبة غضة طرية على مسامعنا فما بالها؟ ما بالها؟ أتراها مستدرجة من حيث لا تعلم؟ فناشدتك الله يا نفس أفيقي!!

المقرئ

ـ[رمضان أبو مالك]ــــــــ[26 - 08 - 06, 03:49 ص]ـ

اللهم يا مُقَلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك، وارزقنا شهادة في سبيلك، أو موتًا في بلد حبيبك - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

نسأل الله حسن الخاتمة.

ـ[أبو إسحاق الأسيف]ــــــــ[26 - 08 - 06, 06:21 ص]ـ

جزاكم الله خيراً.

ـ[محمدبن عبدالله المعمري]ــــــــ[26 - 08 - 06, 07:28 ص]ـ

جزاك الله خيراً أيها الشيخ الكريم؛ فما أحوجنا إلى هذه المواعظ الإيمانية!

وهذا مقال أعجبني وأثر عليّ:

إيَّاكُمْ وَالمَعَاصِي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير