فإذا أراد الإنسان أن يسلم من هذه المصائب من النقص عليه أن يكثر من الدعاء أن يثبّته الله على الطاعة، ولذلك علم الله أولياؤه وعباده ما يدعونه به من الدعوات الطيبة المباركة، ومنها ما ذكر الله عن عباده الصالحين أنهم يقولون: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}، فنسأل الله أن لا يزيغ قلوبنا، بعد إذ هدانا وأن يهب لنا من لدنه رحمة وهو الوهاب.
فإذا أراد الله بالعبد الخير رزقه أن يكثر من الدعاء، وأن لا يغتر، بعض الأخيار يغتر بخيره، فينظر إلى العصاة فيزدري بهم فيصاب بالعجب، فيتغير ما بنفسه، كان في بداية هدايته واستقامته يقول: لا حول لي ولا قوة، وإذا به فجأة -والعياذ بالله- يحس أن عنده من الحول والقوة ما يستطيع أن يكون به مهتديا أو يكون به طالب علم أو يكون به على خير وبر فعندها يسلبه الله عز وجل ما هو فيه من الخير والبركة.!!
فعليك أن تنظر من أين أوتيت؟ إما فيما بينك وبين الله، وإما فيما بينك وبين الناس، أبدا لا يظلم الله أحدا {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} فعليك أن تراجع نفسك، وأن تنظر ولاشك ولا مرية أنه ما من عبد يصاب بمصيبة ويسأل الله عز وجل أن يغفر له بلاء وذنبا سلط الله هذه المصيبة عليه وينصح لنفسه أن يعرف السبب إلا ألهمه الله وأعانه، إن يصدق الله يصدقه، فأنت ابحث.
الذي عليك أن تعلمه أن الله لا يظلمك، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، واستجمع هذه الأمور فيما بينك وبين الله، وفيما بينك وبين الناس، قال سفيان الثوري –رحمه الله-: أوتيت فهم القرآن، وكان من أئمة التفسير والفقه –رحمه الله- وله أقواله في تفسير القرآن وفي الفقه والأحكام، يقول: فأذنبت ذنبا فحُرِمته، وفي بعضها فقبلت الصرة فرفع عني ما كنت أجده من الفتوى والفهم، وقال أيضا غيره من أئمة السلف: أذنبت ذنبا فحرمت قيام الليل ستة أشهر، وابتلي محمد بن سيرين بالدَّين، فأصبح مديونا حتى سجن في الدين، وكان أنس بن مالك يحب محمدا –رحمه الله- حتى إنه أوصى إذا توفي لا يغسّله إلا محمد بن سيرين الإمام التابعي الجليل، فلما توفي أنس كان في السجن حتى أخرج من السجن من أجل أن يغسّل ويكفّن أنس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -،
الشاهد أنه قال ذات يوم: أعرف الذنب الذي ابتلاني الله بسببه بالدين، قلت لرجل قبل أربعين عاما أو عشرين عاما: يا مفلس، فابتلاني الله بالدين!
لا يظلم الله أحدا، فالذي يريد أن يغير الله ما به فيكرمه بفضله ومنه عليه أن يتوب ويرجع إلى الله عز وجل وأن يعلم أن الطاعة والخير والبر لا يكون إلا بفضل الله عز وجل، فيتفقد المظالم فيما بينه وبين الله، وفيما بينه وبين الناس، نسأل الله بعزته وجلاله وعظمته وكماله أن يلهمك الرشَد، وأن يلهمنا جميعا ذلك.
أما الأمر الأخير فلاشك أن الزمان زمان فتنة، وكثرة الفتن في الزمان تضعف المطيع عن طاعته، ولكن لتعلم أنه مهما عظمت الفتن ومهما كثرت أن الله أعظم منها، وأن الأجر من الله أكبر، وأن الثبات على الطاعة في زمان الغربة أصدق، ولربما لحظة من الطاعة في زمان الغربة أعظم عند الله أجرا وثوابا من غيره، فانظر رعاك الله إلى هذه الأمور التي توطّن بها نفسك على الصبر، والمؤمن القوي هو الثابت في دين الله الذي يثبت على طاعة الله مهما رأى من النقص يحاول أن يستكمل، فأوصيك إن وجدت بابا حُرِمته من الخير فابحث عن باب آخر، حاول أن ترجع إليه، فإن وجدت أنك لم توفق فيه فاطلب بابا غيره، فإن للجنة أبوابا وليس لها باب واحد، ولذلك قال {حتى إذا جاؤوها وفُتِحَت أبوابها} وفي قراءة {وفُتِّحَت أبوابها} وفي الصحيح عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في العبد إذا توضأ أسبغ الوضوء وتشّهد قال: ((إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء)) والله تعالى يقول: {فاستبقوا الخيرات} فمن العجز والضعف أن يكون طالب علم ثم يبتلى بالنقص فيترك طلب العلم ويترك غيره، ولكن إذا حرمت جانبا من الخير فاطلب غيره، وإن الله يحب منك ذلك، وعندها تقهر عدوك اللدود إبليس وتهينه وتذله، وعندها تكبح جماح النفس الأمارة بالسوء، وتصونها عن الغي والردى حينما تلتمس أبواب رحمة الله عز وجل فتجدها أمامك مفتحة ميسرة، فنسأل الله بعزته وجلاله أن يجبر كسرنا، وأن يرحم ضعفنا إنه ولي ذلك وهو ربنا. والله –تعالى- أعلم.
ـ[مصطفى رضوان]ــــــــ[30 - 05 - 08, 10:24 م]ـ
وكنت تريد ان تحرمنا من هذه الدرر؟؟؟؟ - سامحك الله ابا زيد، هل لديك عمل ارجى من ان ينتفع ويهتدى بنفائسك هذه - بإذن الله - اخوانك فى المنتدى؟
،، وعدت لنا سالما - باذن الله تعالى - بموضوع، والله الذى لا اله الا هو، من اشد المواضيع الما وخوفا ورهبة على قلب من يعيه ويضعه نصب عينيه
،، واذكر نفسى دائما بحديث سيد المرسلين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -
((" إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح , ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أم سعيد. فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة "))
رواه البخاري ومسلم
نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية من كل سوء، وأن يقينا مصارع السوء، وان يحسن خاتمتنا، وان لا يتوفانا الا وهو راض عنا
اللهم آمين
¥