على آثارنا بيضٌ حسانٌ ... نحاذرُ أن تقسَّم أو تهونَا
إذا لم نحمهنّ فلا بقينا ... لشيءٍ بعدهنّ ولا حيينا.
الوجه الثاني:
قوله: (ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية) فأقول
وهل الميزان في الحكم على شرعية المظاهر والتصرفات هو مدى تطبيقها أو إهمالها في أرض الواقع؟!
لنأخذ الشريعة برمتها ونسأل أليست قد غُيّبت بكلّ أحكامها وشرائعها عن بلاد المسلمين كلها إلا ما رحم الله فهل هذا مُسوِّغ للقول بعد صحتها والجزم ببطلانها؟!
ثم هل النقاب – فعلاً _ لا يوجد إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية؟!
ألم يعلم الشيخ أنّ الجماهير المسلمة قد عادت تطالب بصوت جهير يبلغُ الآفاق بتطبيق كل أحكام الشريعة في كل ديار الإسلام وليس الحجاب فقط؟!
ألم ير الشيخ العودة الجماعية المباركة لفتيات الإسلام إلى الحجاب في كل أنحاء المعمورة حتى أغاظ دعاة الإباحية من أمثال الهالك مصطفى أمين القائل متباكياً على عودة الحجاب في الجامعات المصرية: (حارب الأحرار في هذا البلد سنوات طويلة لتحصل المرأة على بعض حقها ويظهر أنّ بعض الناس يريدون العودة بنا إلى الوراء، وقد يحدث هذا في أي مكان، ولكن لا نفهم أن يحدث في الجامعة مهد التقدم والفكر الحر) [أخبار اليوم / نوفمبر 1997 نقلا عن عودة الحجاب].
ويقول العلماني المحترق زكي نجيب محمود: (أصابت المرأة المصرية في أيامنا هذه نكسة، ارتدت بها إلى ما قبل .. وهناك اليوم عشرات الألوف من النساء (المرتدات!) ينزلقن تطوعاً إلى هوة الماضي، والمأساة أنّ المرأة تتبرع سلفاً بحجاب نفسها قبل أن يأمرها بالحجاب والد أو زوج) نقلاً عن الولاء والبراء لسيد عبد الغني ص 421.
ثم ما بالنا نذهب بعيداً لندلل على مدى التشابه بين كلام الشيخ الغزالي ودعاة الإباحية،والشيخ نفسه يُصرّح باستبشاره وابتهاجه بإمكانية شيوع السفور وفق ما بشر به قاسم أمين داعية تحرير المرأة في مصر والشرق العربي!! (فلا حول ولا قوة إلا بالله).
الشبهة الثامنة:
ومن الشبه أنّ حجاب الوجه خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم:
وهذه الشبهة تشبث بها أكثر القائلين بالسفور من غير بينة ولا هدى ولا كتاب منير والله المستعان.
الجواب عن هذه الشبهة
قال شيخ الإسلام رحمه الله – (والحجاب مختص بالحرائر دون الإماء كما كانت سنة المؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه أن الحرة تحتجب والامة تبرز. [9]
قلت: وكلام الشيخ رحمه الله – صريح بأن الحجاب مختص بالحرائر وهذا يدل على دخول عموم الحرائر من نساء الأمة وليس مقصوراً على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهذا واضح بحمد الله.
ثم إن دعوى خصوصية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بحجاب الوجه مردودة من وجوه:
أنه لا دليل البتة على هذه الخصوصية فإنّ غاية ما عند القائلين بهذا القول ظواهر نصوص لا تدل على ما ذهبوا إليه ولا تقوم بها حجة كمثل حديث ابن ساعدة حين تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته وأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم بها فذهب إليه فأمرت بالدخول فقال: إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال .. الحديث.
فنقول: وهذا هو قولنا إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لا يراهن الرجال!
لكن هل في قول هذا الصاحب تصريح بأن ما سوى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يجوز رؤيتهن؟!
أفتعطل عشرات النصوص لعبارة كهذه من غير معصوم أو حجة؟!!
إن تخصيص أحد من أفراد الأمة بحكم دون باقي الناس يحتاج إلى أدلة صريحة لا محتملة أو متكلفة لأنّ الأصل هو عموم الأحكام الشرعية لكل أفراد الأمة.
سيما في مسألة كهذه دلت عشرات الأحاديث على عدم اختصاص أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم بمفردهن.
فليس من التحقيق العلمي ولا من الأمانة العلمية بمكان إلغاء كل تلك النصوص والتشبث بقول محتمل لصاحب أو غيره.
¥