تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمَّتَي! لن نَسكُتَ عن جفوة عن الاِتِّباع، و لا عن نُبَوَةٍ لا تُطَاعُ، و إلا سنُهزمُ أمام أدنى كتيبةٍ، فضلاً عن أُمِّهَا؟ هذا حتَّى و لو كان فينا الصَّالحونَ، و ما خَبَرُ غزوةُ أُحُدٍ عنَّا ببعيدٍ، وَفِيهِم مَنْ فِيهِم، فِيهِم رَسُول الله _صلى الله عليه وسلَّم_ و خيْرُ النَّاسِ مِن بَعدِهِ، فلمْ يُغْنِ هَذَا عِندَ اللهِ مِن شَيءٍ، فكيف بنا نحنُ و ما فينا مَنْ فِيهِم؟

فكيفَ يصنعُ لكِ العِزَّ مَنِ الذُُلُّ و الصَغَارُ مُلازِمٍ لَهُ لاَ يُفَارِقُهُ مَا لم يَزَلْ على مُشاقَقَةِ الرسولِ " وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ " (5). إِنَّ لكِ في هذا عِبرةً لو كنتِ تعتبرِينَ.

أُمّتي! أيُّ دَعوةٍ يُرِيدُونَهَا لكِ؟ " و ما حُجَّتُهُم إلاَّ المَقُولاتُ الباطلةِ:

لا تُصدِّعوا الصفَّ مِن الدَّاخل!

لاَ تُثِيرُوا الغُبارَ مِنَ الخَارج! ِ

لاَ تُحَرِكُوا الخلاف بين المسلمين!

(نلتقي فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه).

و أضعفُ الإِيمانِ أن يُقال لهؤلاء: هلْ سكتَ المُبطلونَ لنَسكُتَ نحنُ، أم أنَّهم يُهاجِمُون الاعتقادَ على مرأى و مسمعٍ و يُطلَبُ السُكوت؟ اللّهم لا ... " (6)

و إن قام فيهِم عبدُ اللهِ يدعوهُم إلى الهُدى و الرشاد رَمَوْهُ بأشنعِ اثنتينِ و احتكموا إليهِما، أمّا أُولاهُما فهي " إن لم تكُن معنا فأنت معهم".

سبحان ربِّي! " أفنجعلُ المسلمين كالمجرمين. مالكم كيف تحكمون" [القلم: 35ـ 36]

فمتى كان تقويمُ المسيرِ و النصحُ للأمَّة مظاهرةً لأهلِ الكفرِ؟ فوالله ما هذه إلا فِرْيَةٌ خَزِيَّةٌ يقذِفُها من له في حَشْدِ الجماهِير مشارب و مئارب، و من لهم دور البطولة في الخرجات الإعلامية الغاشمة ... و خرجاتهم معهودة مألوفة.

و إن لم يُفلحوا صاروا إلى ثانيهما يكتالون منها مكاييل غَمطِ الحقِ و إلباسِ الباطلِ مئازيرَ الهُدى و هي عِندهُم " الغايةُ تبرر الوسيلةَ".

و العجبُ كلُّ العجبِ أنَّ هذه قاعدة يهودية حملَ لِوائها مَن بني جِلدتِنا من يزعُم معاداة اليهود و يرمي غيره بِموالاَتهم وَ لسانه لا يزال رطبا بِذكر قاعدتهم هذه ... هذا لعَمْرُ اللهِ مُحالٌ في القياسِ بديعٌ.

يكفيها بُطلانًا أنَّها من لَدُنِ الأمَّة الغضبيَّة.

بقاعدتهم هذه قتلوا أنبياء الله.

بقاعدتهم هذه حرَّفوا كتاب الله.

بقاعدتهم هذه انتهكوا حرمة سَبْتِهِم.

يَصِحُ فيهم أن نقول عنهم أنَّهم اتخذوا الغايات ءالهة من دون الله تُعبَدُ وَتُطاعُ.

أو تريدينَ أمَّتي أن تركبي مَركَبَهُم و تَتبعي سَنَنَهُم، فإيَّاك إيَّاك!

أُمَّتي! لا تقُولي عدُوُنا شرٌ مِنَّا (7) فتسْتَكِينِي لأَسقامٍ جاريةٍ في أوصالكِ، تحسبينها هَيِّنَةً و هي عند الله عظيمةٌ، فلا تَبْنِ لكِ عِزًا على شَفَا جُرفٍ هارٍ!

أمَّتي! أوبة إلى دين الله قبل أن ينادي المنادي من مكان قريب.

أُمَّتيُ! لا تُنَادِي على كُلِّ مَن هَبَّ وَ دَرَج، و لا تكُوني كزهراء، بَل كُوني كالحجرِ و الشجرِ اللذان أنطقهما الله عَونًا لعبادِه المؤمنين، فيُناديان: يا مسلم! يا عبد الله!

يناديان على من أسلم وجهه لله حنيفا مسلما ولم يك من المشركين.

أُمَّتي! مَراقي سَعُودِك و مناشيرُ بُنُودِكِ و مفاتيحُ عِزُّكِ في أمرين: الكتاب والسنة، فلا تكوني:

كالعِيسِ في البيداءِ يقتُلها الظما و الماء فوق ظهرها محمول.

أمتي! الفجر فجران، فلا تغُرنَّك بُرقة الفجر الكاذب، و لا يغوينَّك الساطع المُصعد، لكنْ مهلاً حتَّى ينفجرَ الفجرُ الصادقُ و قرّي عينا.

قدْ ينتفِشُ الباطِل و تَصيرُ له صَولةٌ و جولةٌ، فتعمَى الحقائقُ على كثيرٍ من الخلائقِ، و يهلك المُرتابُون و يثبُت الراسِخون الذين يعلمون عِلم اليقين أن الباطل كزبد البحر يذهبُ جُفاءً و ما ينفع الناس سيبقى حيَّا مَعقُودًَا في قُلوبِهم مكتوبا بِحِبرِ البقاءِ، و لِلَّهِ في كُلِّ هذا حِكَمٌ و أحكامٌ.

أكلُّ من جاء من الصحراء أخوك يا زهراء؟! حتّى و لو بأيِّ وصفٍ كان؟!

أخوك آت و لا ريب، فلا تستعجلي!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير