تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأرجو من الله أن تكون هذه الرسالة نافعة، وأن تجد إقبالاً قبل أن تطمس من قبل أعداء المرأة المسلمة التي لا يريدون خيراً أبداً للمرأة المسلمة الطيبة العاقلة، وأما الذين يجرون وراء أوروبا ويقلدونها في كل شيء مع وضوح الرؤية لحكم الإسلام في الحجاب، فلم أجد لهؤلاء إلا قول الله جل وعلا: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ اَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْاَرْضُ وَمَن فِيهن}.

بقلم: د.أحمد بن عبدالعزيز الحصين.

البيئة الصالحة

عشت أيام الصبا في مدينتي الرياض الناظرة، عاصمة المملكة العربية السعودية، والتي اتخذت شرع الله منهاجاً تسير عليه في أمورهم الدينية والدنيوية، وتعلمت في مدارسها العفة والحشمة والآداب الإسلامية والخلق الرفيع، وكانت المدرسات الفاضلات يلبسن الحجاب ملتزمات بدينهن، وكانت شوارع بلادي لا ترى فيها المرأة سافرة كما ترى في أوروبا، بل كان جو بلادي إسلامياً في كل شيء.

عشت في هذه الأرض المباركة، وترعرت فيها منذ الصغر، وكان صديقي الذي لا يفارقني هو حجابي منذ كنت في سن العاشرة، فكان معي في المراحل الدراسية، من أواخر الإبتدائية إلى الجامعة، وأنا فخورة بحجابي الإسلامي، أحبة وأحافظ عليه لأنه أمر رباني وحكم شرعي.

وقد كنت أسمع عن تحرير المرأة وخروجها من بيتها ونزع خمارها أو حجابها، وعن المنادين بالسفور والاختلاط بين الجنسين ومشاركة المرأة الرجل في مراحل الحياة. وكان من أشهر هؤلاء الدعاة، هدى هانم شعراوي، وقاسم أمين، وسهير القلماوي، وأمينة السعيد.

وكل هذه الشعارات لا أعيرها أي اهتمام، لأنها شعارات جوفاء كاذبة خادعة، ولكن كما يقول المثل: ((تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن)).

وفي ذات يوم طرق بابنا شاب وسيم متعلم، فقد تعلم في الغرب وعاد يحمل أفكاراً غريبة مسمومة، لا تنفع ولا تغني من جوع، ولكنها مع ذلك تضر المرء في دينه ودنياه.

جاء هذا الشاب لكي يخطبني، وقد استخدم في ذلك أسلوب الحيلة والخديعة مع والدي، قائلاً إنني رجل مستقيم، رجل أحافظ على الصلوات الخمس، رجل أكره الانسياق وراء الحضارات الزائفة ... إلى آخره من الكلمات الشيطانية التي ألبسها ثوب البراءة والطهر، ولا يجيد ذلك الأمر إلا منافق، فوافق والدي، وقد طرت طرباً وفرحاً لأسباب عدة وهي:

إنني فتاة كبيرة، فقد وصل عمري إلى ثلاثين عاماً، وخفت أن يفوتني قطار الزواج، كما يقال، كما أنني أوافق على الزواج من هذا الشاب الوسيم الذي لم يبلغ عمره سوى سبعة وعشرين عاماً.

وتم الزواج، وانتقلت إلى بيته الفاخر (الوكر الشيطاني) الذي أثث بأفخر أنواع الأثاث والسجاد والأواني الفضة وغيرها، وقد عشت في هذا البيت، أو الأصح (القصر) عيشة سعيدة مع زوجي متمسكة بديني وحجابي، وقد مرت الأيام والشهور وأنا على ذلك الحال.

وكان زوجي بين حين وآخر يغررني بأسلوب غريب لا أفهم معانيه ولا مآربه، وهي إشارات عن نزع الحجاب، فلم أعطه أي اهتمام، وقلت ربما أنه يضحك أو يمزح أو يريد أن يختبر إيماني، ومرت السنة الأولى وقد حملت وأنجبت طفلاً جميلاً، ملأ علينا البيت بهجة وسروراً وسعادة، وأسعد قلبي وجوارحي، ثم منَّ الله علي بطفل آخر، وعشت عيشة سعيدة بينهما.

وكان في بعض الأحيان ينتابني خوف شديد من زوجي، لا أعرف السبب، فدائماً أراه يقرأ مجلات (المصور، وروز اليوسف، والنهضة، وهو وهي)، وكذلك المجلات الأوربية والكتب العربية المارقة، وكان حديثة يدور حول المرأة وخروجها ومشاركتها الرجال، ويكرر كلمة الحجاب، وأنه من مخلفات الأتراك، وأنه يعوق المرأة في مسيرتها الحياتية، وكانت مكتبته ترزخ بصور النساء أمثال: فالنتينا رائدة الفضاء الروسي، وديانا، ومارجريت تاتشر، وصوفيا لورين ..

وكنت أظن في بادئ الأمر أنها مجرد هواية، وماكنت أظن أن زوجي من أنصار خروج المرأة ونزع حجابها وتدميرها، وإذا نظر إلى التلفاز وشاهد امرأة متبرجة أخذ يضرب يداً على يد ويقول هذا هو التقدم هذه هي الحياة.

السفر ألى أوروبا وقبل السفر إلى أوروبا أخذ زوجي يستعمل معي أساليب عجيبة في المناقشة فهو يتكلم بصوت خافت وبكلمات غريبة حول نزع الحجاب، ولكن كما يقول المثل (كثرة الطعن يفك الحديد).

وجاء اليوم المشؤوم الذي لا أنساه أبداً.

اليوم الذي عصيت فيه رب العباد وأرضيت فيه الشيطان.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير