تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وذُبتَ من الشوق المبرِّح والصَّدِّ ([6])

ـ 6 ـ

الوليد بن يزيد

الوليد بن يزيد بن عبد الملك، الخليفة الأموي الحادي عشر، كان شاعراً مجيداً أخذ منه الشعراء بعضاً من معانيه المبتكرة وتضافرت على قتله دواع شتى: كان متهماً في دينه، وكان متعصباً للقيسية، وكان يهجو اليمانية ويتحداهم بشعره، وقتل أحد أشرافهم البارزين فقتلته اليمانية.

كان ابن عم الوليد، ناقماً عليه لسوء سيرته وفساد عقيدته، فكان يحرض الناس عليه، وأيدته القبائل اليمانية التي كانت ناقمة على الوليد لتعصبه للقيسية، قبيلة أمه، ولهجائه إياهم وتحدّيهم أن ينتصروا لخالد بن عبد الله القسري، وهو من قبيلة بجيلة اليمانية.

وكان خالد والي العراق في خلافة هشام بن عبد الملك، ثم عزله هشام، ولما ولي الوليد الخلافة سجنه ثم أمر بقتله، فقتله يوسف بن عمر الثقفي، والي العراق، وقد قال الوليد بن يزيد قصيدة يهجو بها اليمانية ويفخر فيها بقتله خالداً ويتحدى قومه اليمانية أن يثأروا له، ومنها قوله:

وهذا خالد فينا قتيلاً

ألا منعوه إن كانوا رجالاً

ولو كانت بنو قحطان عُرباً

لما ذهبت صنائعه ضلالا

ولكن المذلة ضعضعتهم

فلم يجدوا لذلتهم مقالا

وقد أثارت هذه القصيدة ثائرة اليمانية، وكانت من دواعي إقدامها على قتله، يتزعمها منصور بن جمهور، وقال شاعرهم عمران بن هلباء الكلبي قصيدة ينقض فيها قصيدة الوليد ويفخر باليمانية وقتلهم الوليد بن يزيد ومنها قوله:

سنبكي خالداً بمهندات

ولا تذهب صنائعه ضلالا

وقال الشاعر الكلبي اليماني خلف بن خليفة أبياتاً يفخر بها بثأر اليمانية لخالد ومنها قوله:

لقد سكّنت كلب وأسباق مذحج

صدىً كان يزقو ليله غيرَ راقد

تركن أمير المؤمنين بخالد

مكباً على خيشومه غيرَ ساجد ([7])

ـ 7 ـ

ضابئ بن الحارث البرجمي وابنه عُمير

كان ضابئ بن الحارث البرجمي شاعراً هجّاء وقد هجا في زمن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، قوماً من الأنصار لنزاع كان بينهما، فاستعدوا عليه عثمان، فسجنه، فما زال في الحبس حتى مات فيه، وكان قبل موته قال أبياتاً منها قوله:

هممت ولم أفعل وكدت وليتني

تركت على عثمان تبكي حلائلُه

ولما أحاط الثائرون بعثمان كان عمير بن ضابئ أحد من شاركوا في قتله، ويقال إنه وثب عليه وهو مطروح على الأرض فكسر ضلعاً من أضلاعه، انتقاماً لأبيه الذي سجنه عثمان ومات في سجنه.

ولما ندب الحجاج لقتال الخوارج مع المهلب بن أبي صفرة، جاءه عمير بن ضابئ وقال له: أنا شيخ كبير عليل، وهذا ابني وهو أشبّ مني. فلما سأله عن اسمه وعرف أنه ابن ضابئ البرجمي الذي قال البيت السابق، قال له: إني لأَحَسْبُ أن في قتلك صلاح المصرين، ثم أمر بقتله ([8]).

ـ 8 ـ

أعشى هَمْدان

اسمه عبد الرحمن بن عبد الله، وينتمي إلى قبيلة هَمْدان اليمانية، وهو شاعر فصيح من شعراء الدولة الأموية، وكان إلى ذلك أحد الفقهاء القُرّاء من أهل الكوفة.

لما ثار عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث على بني أمية وعاملهم على العراق الحَجّاج بن يوسف، خرج معه أعشى همدان يقاتل ويقول الشعر في مديحه وهجاء الحجاج، وكان كثير التحريض لأهل العراق على الخروج على الحجاج، ومما قاله في ذلك من قصيدة:

وإذا سألت المجد أين محلّه

فالمجدُ بين محمد وسعيد

بين الأشجّ وبين قيس باذخ

بَخْ بَخْ لوالده وللمولود

[الأشج: لقب الأشعث بن قيس، جد الممدوح، بخ بخ: كلمة تقال عند الثناء والإعجاب] ومن شعره في هجاء الحجاج وتحريض ابن الأشعث على الخروج عليه قوله:

نُبّئت حجّاج بن يوسـ

ـف خرّ من زَلَق فتبّا

فانهض فُديت لعلّه

يجلو بك الرحمن كَربا

فلما باءت ثورة ابن الأشعث بالإخفاق وقتل أُتي بأعشى همدان أسيراً إلى الحجاج، فحاول الشاعر استرضاءه بقصيدة مدحه بها، وأصرّ الحجّاج على الأعشى أن ينشده الشعر الذي الذي مدح به ابن الأشعث، فأنشده إياه مكرهاً، فذكّره الحجّاج ببعض ما قاله من الشعر ثم قال له: والله لا تبخبخ بعدها أبداً. ثم أمر أحد الحرس بقتله، فضرب عنقه ([9]).

ـ 9 ـ

بشّار بن بُرد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير