هذا الذي معه من الدعوة يتضرع، فكيف بنا؟
فأجابة الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فأصبح عدد المسلمين المقاتلين ألفاً وثلاثمائة وأربعة عشر رجلاً، وعدد المشركين ألفاً، فأسرع المسلمون في القتل، قال ابن هشام:
" ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى بدر من الأيام، وكانوا يكونون فيما سواه عدداً ومدداً، لا يضربون "
وأثار أبو جهل – قبح الله اسمه ورسمه – الحرب، يا يعازه لعامري الحضرمي وبدأت الحرب بمبارزة بين الأسود بن عبد الأسد المخزومي وأسد الله حمزة وشتان بين (عبد الأسد) وبين (الأسد) نفسه، فلم تمض لحظات حتى رأى المشركون صاحبهم مكوما في الحوض مقتولاً.
وبعدها مبارزة جماعية بين ثلاثة أسنمة من الكفار وثلاثة أسنمة من المسلمين، أما أسنمة قريش فهم: عتبة ابن ربيعة وأخوة شيبه وابن الوليد وأما المسلمون فهم: حمزة بن عبد المطلب وعلى بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث.
وما هي إلا لحظات حتى قيل الثلاثة النتني المشركون بسيوف الحق التي كانت بأيدي المطهرين المسلمي،
وتزاحف الناس، واستخدم النبي سلاماً جد
يداً لا يعرف الكفار استخدامه، أخذ حفنة من الحصباء فاستقبل بها قريشا وقال: شاهت الوجوه، ثم ألقاها عليهم، وقال لأصحابه: شدوا
فكانت الهزيمة، وقتلت صناديد قريش، وأسرت أشرافهم. وكان فيمن قتل فرعون هذه الأمة أبو جهل قبحه الله تعالى، وفيمن أسر أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ليس كل الناس يحسنون استخدام الأسلحة ..
ثم حدثت غزوة بني سليم بعد قدوم النبي من بدر بسبع ليال، ثم غزوة السويق، ثم غزوة بني قينقاع، إذ نقض يهود العهد الذي عاهدوه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بنو قينقاع أول يهود نقضوا العهد الله ورسوله فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على حكمة فشفع فيهم عبد الله بن سلام فأطلقهم له. ثم كانت غزوة أحد.
وفيها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال للسنة الثانية للقاء الكفار وهم نحو ثلاثة آلاف رجل، وكان المسلمون ألفاً – كان فيهم عبد الله بن أبي بن سلول ومن ثلث العسكر، فاتخذل بهم في الطريق ورجع، وبقي سبعمائة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتقوا بالمشركين وهم ثلاثة آلاف، وهزموهم وركبوا أكتافهم، وولوا مدبرين قهرهم الله، ولكن الرماة لما رأوا ذلك استعجلوا الغنيمة وخالفوا أمر قائدهم بل قائد الدنيا والآخرة، فانكشف ظهر المسلمين، فالتف فرسان المشركين حتى أحاطوا وانكشف النبي صلوات اللع عليه، بعد استشهاد سبعين من أصحابه رضي الله عنهم، فخلص إليه أعداء الله فكسروا رباعية وجرحوه جراحات، وظهرت كوا من الصحابة يومئذ وترجم ما في قلوبهم من حب رسول الله وفوائد، فقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى عليه وسلم حتى قتل، قتله قمئة الليثي – انظر إلى الاسم وقذاريه. وقام زياد بن السكن في خمسة نفر من الأنصار يقاتلون دون رسول الله، حتى قتلوا جميعا دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ترس دون رسول الله أبو دجانة بجسمه، فكان يقع في ظهره النبل فلا يتحرك حماية لرسول الله صلى عليه وسلم وظلوا مدافعين عن صلوات الله عليه (لايرغبون بأنفسهم عن نفسه) لا والله، فهي أعلى نفس علينا، وأعز نفس في قلوبنا بآبائنا هو وأمهاتنا، صلوات الله وسلامه عليه، وهم يردون له بعض فضله، ويكافئونه ببعض جميلة، أليس هو الذي هداهم الله، من العمى إلى البصيرة، وأخرجهم به من الظلمات إلى النور، وأحيا قلوبهم بعد موت، وشرح صدورهم بعد كفر وغم:
(أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن هو مثله في الظلمات ليس بخارج منها)
ولا والله ما يكون منهم إلا هذا الذي صنعوا، وهم الذين أضافهم الله إلى نفسه فقال لهم (ياعبادي إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون) فخرجوا للهجرة، وشرفهم بمعيشة نبيه فقال (محمد رسول الله والذين معه)، وهم معادن الخير، وينابيع التقوى، وجرثومة الفداء والبذل.
¥