تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستمرت السيوف مشهرة لعز دين الله، ونشر لا إله إلا الله، وتأديب الناكثين، وتخويف الكفار والمنافقين، ما بين غزوة وسرية وبعث، حتى كان ذو القعدة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتمر عمرة القضاء، بدلاً من عمرة العام الماضي التي أحصر عنها ورجع من الحديبية، وترك قول الله تعالى:

" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون، فعلم مالم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحاً قريبا "

وفي جمادىالأولى من السنة الثامنة كانت سرية مؤتة، ومن المؤرخين من يسميها غزوة مؤتة، وذلك لعلة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عد نفسه الفئة التي تحيز لها المقاتلون. والله أعلم.

وقد كانت هذه السرية تأديبية، ولم يكن المقصود بها الغزو، وإنما المناورة وإثبات القوة، وقد علمت الروم يومئذ قوة المسلمين وحنكة قوادهم، ولما رجع الجيش إلى المدينة بعد جراحاتهم وشهدائهم وبلائهم الحسن استقبلهم رسول اللهخ صلى الله عليه وسلم.

ثم جاء رمضان، ومع رمضان جاء الفتح:

ونقض مشركو قريش العهد، وظاهروا " بكراً " على قبيلة خزاعة في عددها عليها، وكانت الفرصة للفتح وعد الله به وتشوق إليه المسلمون:

عد منا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء

يبارين الأسنة مصعدان على أكتافها الأسل الظماء

فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح،وانكشف الغطاء

وإلا، فاصبروا الجلاد يوم يعز الله فيه من يشاء

وقد أعز الله في هذا اليوم آناف المسلمين، وأذل آناف الكافرين وكان في أيام الفتح الأعاجيب، قوم صهرهم الإسلام في بوتقته، وتوقد فيهم قيام الليل وصيام النهار وعفة العمر ذكاء، فلا ينكقون إلا عن قسطاس، ولا ينصرفون إلا عن قصد، فإذا انتشقوا الحسام، وأشهر والصمصام، وأمسكوا الأعنة، وأشرعوا الأسنة، فهم حينئذ الوحوش الضواري في البراري، والضراغم الضياغم في الملاحم، في المفاوضات محدثون بخباء، ومفاوضون علماء أذكياء – أين منهم أخباء القوم في تفاوضهم، وألبادهم في تعارضيهم، فإذا ساروا فسير الغازي الحذر، المحارب المكر،حتى إذا التقت الأجساد، وهلعت الآساد، واقتلعت القلوب والأكباد، وقعقعت السيوف ن وشعشعتالحتوف، فهم يومئذ همو:

حتى إذا ازور الفوارس وانحنت أصلاب أهل الخبرة الأكفاء

وارتاعت الأبطال من خوف الردى وأتى الشجاع بلكنة ووعاء

لم تلق غير المسلمين تثبتا أنعم بهم من رفقة ولواء

أظفرها الله بالعدد بعد طول مناجزة، وأدخلهم مكة بعد طول اغتراب، وأصبح أمان الرجل الشديد من قريش أن يغلق عليه داره كالنساء، وأسلم الصناديد، وحطمت الأوثان، وظهر أمر الله وهم كارهون.

ثم بدأت معركة هدم الأصنام في الكعبة وحولها، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره وبعث عمرو بن العاص في شهر رمضان إلى " سواع " وهو صنم لهذيل، فهدمه، وأسلم سادن لله تعالى وقوالب البعوث لتطهير الجزيرة من الأصنام، فهدم سعد بن زيد من بني عبد الأشهل " مناة " وهدم خالد بن الوليد " العزةى " ..

ثم أرادت هوازن حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما علمت بفتحة مكة، وعزموا الأمر إلى هذا الضلال المبين، فخرج لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والتفوا عند وادي حنين، وكان المسلمون كثرة، وكانت هوازن في عدتها، فهجم المشركون هجمة رجل واحد، وحملوا على المسلمين، فانكشفوا – وكانوا يظنون ألن يغلبوا مادامو كثرة، وقد رأوا من قبل أن النصر لا يكون بالكثرة، فوقع بهم ذلك ابتلاء من الله وتنبيهاً لهم إلى حقائق لا ينبغى أن تغيب.

ولكن رسول الله ثبت حين انكشاف المسلمين، ودعاهم ثانية فاستجاب الصحابة والتفوا حول النبي الكريم صلوات الله عليه، وشهر رسول الله صلى عليه وسلم سلاحاً من الألأسلحة الغريبة على القوم، التي ما يصنعون شيئا في ردها، قال العباس: " ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات، فرمى وجوه القوم، ثم قال: انهزموا ورب محمد. قال: فما هوإلا أن رماهم، فمازلت أرى حدهم كليلا، وأمرهم مدبراً وانهزم المشركون، وسبى منهم المسلمون وغنموا، كان السبي ستة آلاف رأس،واالإبل: أربعة وعشرين ألفاً، والغنم أربعين ألف شاة، والفضة أربعة آلاف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير