حتى أثرت في عنقها، وقمت البيت حتى اغبرت ثيابها كما جاء في رواية أبي داود لهذا الحديث. وفي رواية: وخبزت حتى تغير وجهها؛ لأن الخباز مع لفح نار الفرن يتغير لون وجهه كل ذلك حصل لفاطمة رضي الله عنها، فاقترح عليها علي رضي الله عنه أن تذهب إلى أبيها تطلب خادماً، حيث إن علياً لم يستطع أن يوفر لها خادماً، وسمعوا أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه سبي فاقترح عليها أن تطلب جارية تخدمها من أبيها من هذا السبي الذي جاء، فقال لها: [لقد جاء أباك سبي فاذهبي إليه فاستخدميه -الألف والسين والتاء تجيب الطلب- أطلبي خادماً وجارية تخدمكِ، فذهبت فاطمة رضي الله عنها إلى أبيها محمد صلى الله عليه وسلم فلم تجده، ووجدت جماعة يتحدثون فاستحيت ورجعت] وفي رواية: (فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة أن ابنتك فاطمة جاءت تسأل عنك). وفي رواية مسلم: (حتى أتت منزل النبي صلى الله عليه وسلم فلم توافقه فذكرت ذلك له أم سلمة بعد أن رجعت فاطمة) فهذا معناه أن فاطمة رضي الله عنها ذهبت تبحث عنه في بيتين، ذهبت إلى حجرة عائشة وذهبت إلى أم سلمة تبحث عن أبيها لتسأله خادماً، وجاء في رواية: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ما جاء بك يا بنية؟ فقالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت) يقول علي رضي الله عنه: [ما فعلت؟ قالت: استحييت] ما استطعت أن أطلب، فلعلها رضي الله عنها ذهبت أولاً للبحث عن أبيها فلم تجده، ثم جاءت مرة ثانية فوجدته لكن استحيت أن تطلب، ثم بعد ذلك تشجعت فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته الخادم، فقال: (ألا أخبرك ما هو خير لك؟) وذكر الحديث (ألا أدلكم على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضاجعكما فكبرا أربعاً وثلاثين، وسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين فهذا خير لكما من خادم)
(وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (النور31)
الحمد لله رب العلمين
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له
وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم
أما بعد
ما هي قصة درع علي وما وقع له مع نصراني ودخوله في الإِسلام
أخرج الترمذي والحاكم عن الشَّعْبي قال: خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى السوق فإذا هو بنصراني يبيع درعاً، فعرف علي رضي الله عنه الدرع، فقال: هذه درعي، بيني وبينك قاضي المسلمين، وكان قاضي المسلمين شُرَيحاً؛ وكان علي إستقضاه فلما رأى شريح أمير المؤمنين قام من مجلس قضائه وأجلس علياً في مجلسه وجلس شريح قدامه إلى جنب النصراني. فقال علي: أمَا يا شريح لو كان خصمي مسلماً لقعدت معه، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تصافحوهم، ولا تبدؤوهم بالسلام، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تصلُّوا عليهم، وألجئوهم إلى مضايق الطريق، وصغِّروهم كما صغَّرهم الله»؛ إقضِ بيني وبينه يا شُرَيح. فقال شُرَيح: ما تقول يا أمير المؤمنين؟ فقال علي: هذه درعي وقعت مني منذ زمان. فقال شريح: ما تقول يا نصراني؟ فقال النصراني: ما أكذِّب أمير المؤمنين الدرع درعي. فقال شريح: ما أرى أن تخرج من يده فهل من بيِّنة؟ فقال علي: صدق شريح. فقال النصراني: أما أنا فأشهد أن هذه أحكام الأنبياء، وأمير المؤمنين يجيء إلى قاضيه وقاضيه يقضي عليه، هي والله يا أمير المؤمنين درعك. إتَّبعتك وقد زالت عن جملك الأورق، فأخذتها، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقال علي: أمَا إذا أسلمت فهي لك، وحمله على فرس.
نعم هذا هو على الذي تربى في حجر النبي صلى الله عليه وسلم
كيف يكون لا؟ وهو الذي فسر كلمة التقوى فقال
التقوى هي الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل والرضا بالقليل
تعالوا بنا إلى قصة سائل مع علي رضي الله عنه
أخرج العسكري عن عبيد الله بن محمد بن عائشة قال: وقف سائل على أمير المؤمنين عليّ فقال للحسن أو للحسين: إذهب إلى أمك فقل لها: تركت عندك ستة دراهم فهاتِ منها درهماً. فذهب ثم رجع فقال: قالت: إنما تركت ستة دراهم للدقيق. فقال علي: لا يصدق إيمان عبد حتى يكون بما في يد الله أوثق منه بما في يده. قل لها: إبعثي بالستة دراهم، فبعثت بها إليه فدفعها إلى السائل. قال: فما حلَّ حبوته حتى مرّ به رجل معه جمل يبيعه. فقال علي: بكم الجمل؟ قال: بمائة وأربعين درهماً. فقال علي: أعقله على أن نؤخرك بثمنه شيئاً، فعقله الرجل ومضى. ثم أقبل رجل فقال: لمن هذا البعير؟ فقال علي: لي؟ فقال: أتبيعه؟ قال: نعم. قال: بكم؟ قال: بمائتي درهم. قال: قد ابتعته. قال: فأخذ البعير وأعطاه المائتين. فأعطى الرجل الذي أراد أن يؤخره مائة وأربعين درهاً جاء بستين درهماً إلى فاطمة رضي الله عنها، فقالت: ما هذا؟ قال هذا وعدنا الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم {مَن جَآء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (الأنعام: 160). كذا في الكنز.
وأطعم في يوم واحد مسكيناً ويتيماً وأسيراً.
روى مجاهد وعطاء عن ابن عباس: أنها نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذلك أنه عمل ليهودي بشيء من شعير، فقبض الشعير فطحن ثلثه فجعلوا منه شيئاً ليأكلوه، فلما تم إنضاجه أتى مسكين فسأل فأخرجوا إليه الطعام، ثم عمل الثاني فلما تم إنضاجه أتى يتيم فسأل فأطعموه، ثم عمل الثلث الباقي فلما تم إنضاجه أتى أسير من المشركين، فسأل فأطعموه، وطووا يومهم ذلك: وهذا قول الحسن
اللهم اجعلنا منهم واحشرنا معهم يارب العالمين
اللهم لا تدع لنا في هذا اليوم العظيم ذنبا إلا غفرته ولا مريضا إلا شفيته ولا مبتلا إلا عافيته ولا مظلوما إلا نصرته ولا عدوا إلا أهلكته
اللهم يسر لنا الأمور وسهل لنا الأحوال انك على كل شيء قدير
¥