تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كنت أدرس في جامعة أمريكية قبل بضع وعشرين سنة، وتاقت نفسي لحضور مبارة مهمَّة جداً بين جامعتنا وجامعة أخرى، وكانت المباراة تقام عندهم، على بعد نحو 250 كيلاً من مدينتنا. وقد فازوا علينا في السنوات التسع السابقة، ولكن صورة الفريقين كانت متوازنة في هذا العام، وهناك احتمال معقول بالفوز عليهم، مع أن المباراة على ملعبهم.

وقبل المباراة بأربعة أيام وجدت تذاكر المباراة تباع في جامعتنا، فحدَّثتني نفسي بحضورها، ولكن الأسعار كانت فاحشة فصرفت النظر.

فانظر إلى جملة المصادفات التي ذهبت إلى تلك المدينة من غير اختيار، ثم ذهبت إلى الملعب في لحظة بدء المباراة، مجاناً، في أحسن المقاعد، مع الفوز الصريح المؤزَّر!

لم أكن أعرف في تلك المدينة إلا شخصاً واحداً لا غير، كان يدرس اللغة الإنجليزية في تلك الجامعة، وينتظر بفارغ الصبر قبوله للدراسة في أي جامعة، إذ طال غيابه عن والديه في السعودية. فمن تصاريف الأقدار أنه قبل المباراة بيومين بالضبط علم بقبوله للدراسة في جامعتنا، فذهب فوراً لإجراء حجز السفر إلى السعودية، ليقضي بقية أيام الفصل الأول والإجازة الفصلية مع والديه، وكانت رحلة الخطوط السعودية تسافر من نيويورك في الساعة العاشرة مساء من يوم المباراة، والرحلة من بلدته إلى نيويورك تغادر في الواحدة ظهراً، وهي لحظة بدء المباراة! وظل يتصل بي هاتفياً طوال ذلك اليوم، ولكنني كنت في الجامعة بطبيعة الحال، ولم تكن الهواتف المحمولة معروفة، فلما عدت إلى المنزل في التاسعة مساء أخبرني بقبوله، ورجاني أن أستلم أوراق قبوله في الغد وأُحضرها إليه بنفسي، لأنه يخشى من تأخرها أو ضياعها في البريد، وهو لا يستطيع أن يسافر إلا وهي معه، ولا أن يأتي بنفسه لاستلامها لضيق الوقت وانشغاله بترتيبات السفر. وما كان ليحجز على أول رحلة إلا لثقته بأنني سأحمل عبء إحضار الأوراق إليه.

وإذن لم يكن لذهابي إلى تلك المدينة صلة بالمباراة على الإطلاق. ولو كانت المباراة، أو القبول، أو المكالمة الهاتفية، أو موعد السفر، في أي يوم آخر، أو لم أعرف ذلك الرجل، أو كان له في جامعتنا صديق غيري، أو كان القبول في جامعة أخرى، أو كانت المسافة بين المدينتين 500 كيل مثلاً، لما حصل ما حصل، ولكن هكذا كان!

في الصباح وضعت أغراضي في السيارة، واستلمت الأوراق من مكتب القبول، وأنهيت محاضراتي قريباً من العصر، وتوجهت رأساً إلى تلك المدينة، ووصلت إلى صاحبي بعد المغرب. وفي اليوم التالي أخذته إلى المطار، ونودي على الرحلة في الساعة 40ر12 ظهراً، فودَّعته.

وعندما كنت أودّعه خُيِّل إليَّ أنني سمعت رجلاً خلفي يعرض تذكرة المباراة على رجل آخر، فيعتذر عن قبولها لأنه أيضاً لا يستطيع الذهاب! فلما استدرت إلى الوراء لمغادرة المطار انتبهت إلى الفرصة السانحة، وقلت لنفسي: المقادير جاءت بي إلى هذا المدينة، فلماذا لا أحاول الحصول على التذكرة وحضور المباراة مهما يكن الثمن؟! وإذا برجل طويل وسيم يعمل في شركة لتأجير السيارات، وعلى بُعد خمسة أمتار مكتب لشركة أخرى ليس فيه أحد. فقدَّرت أن الرجل الحاضر عرض التذكرة بصوت مسموع على جاره في الشركة الأخرى، فتقدَّمت إليه وطلبت التذكرة منه بعبارة لطيفة، ففتح الدرج وأعطاني إياها واقترح علي أن أذهب فوراً لأن المباراة على وشك أن تبدأ. وعندما سألته عن الثمن رفض بحزم، وقال إن الشركة تشتري لهم تذاكر الموسم كله تشجيعاً للفريق، وأن زميله في الشركة حصل له ظرف طارئ فاضطر للغياب عن المباراة ليحل محله، فالتذكرة ضائعة على أي حال، ويسره أن يستفيد منها شاب مثلي.

ووصلت إلى المدرجات مع بداية المباراة، ووجدت مقعدي من أفضل المقاعد على الإطلاق، مع أن الذين من حولي كانوا متعصبين لفريقهم طبعاً، وفزنا عليهم في عقر دارهم 37 - 9، ولا نزال منذ ذلك اليوم إلى يومنا هذ ننتصف منهم ونفوز عليهم أكثر مما يفوزون عليناا!

وهذه الأمور كلها لا تكاد تعني لي شيئاً الآن، ولكنها ذكريات مرحلة من العمر!

سقى الله أيامَ الصِّبي ما يسرُّها ... ويفعل فعلَ البابلي المعتَّقِ

ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[23 - 07 - 07, 03:10 م]ـ

هل هي مباراة في كرة " السلة " أم " الرجبي "؟!

ـ[أبو عبد الله الدرعمي]ــــــــ[24 - 07 - 07, 01:48 ص]ـ

لا أظنها في كرة السلة حيث النتيجة 37/ 9 فكرة السلة تكون النتيجة أعلى من ذلك كثيرا

ممكن الرجبي وإن كنت لا أظن كذلك

أما الأخيرة فأظن أنها البيس بول

ـ[خزانة الأدب]ــــــــ[24 - 07 - 07, 03:06 م]ـ

في الفوتبول الأمريكي، وهي رياضة تشبه الرجبي وليست هي.

وبالمناسبة: لا يزال برنامج المبارة عندي للذكرى (على شكل مجلة)

سقط سهواً:

فانظر إلى جملة المصادفات التي ذهبت بي إلى تلك المدينة من غير اختيار، ثم ذهبت بي إلى الملعب في لحظة بدء المباراة، مجاناً، في أحسن المقاعد، مع الفوز الصريح المؤزَّر!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير