الفقه ..
إنهما يشعراننا بأن فقه الاختلاف ليس محبوساً بين دفتي التاريخ، بل متواجدٌ في واقعنا الحي - حتى وإن كان يعاني شيئاً من الانحسار - لذلك ينبغي أن تُعرض هذه النماذج المعاصرة للجميع، لتبث روح الإيجابية ولتشكل القدوة الحية، لا سيما مع كثرة الصخور التي ترجم روح الاجتهاد والتجديد، وتوقع الضغينة بين العلماء الذين اختلفت آراؤهم وفتاواهم، وتشرخ صورة العلماء في نظر العامة الذين لا يدرك كثير منهم أن هذا النوع من الاختلاف في مسائل الاجتهاد ظاهرة صحية تضيف النظر إلى النظر، والعقل إلى العقل، وتجمع الصواب من كل طرف، فتتسع أبعاد الرؤية السليمة، وتشمل زوايا لم يكن بالغها من دار حول ذاته وانكفأ على ما لديها ..
وإذا كنا نقف بالبكاء على أطلال ازدهار الفقه في القرون الأولى فعلينا أن ندرك جيداً أن ذلك الترف والعطاء كان إفرازات للحرية و التباين والتنافس و أدب الاختلاف، و التي حرضّت العلماء على الإبداع، و علينا أن نساعد علماءنا على ذلك، بدلاً من استنزاف جهدهم، و التشنيع عليهم، وهدر مكانتهم، والولوج في نواياهم، بل وأحياناً الوشاية بينهم عبر شحن عالم على آخر، أو استحلاب الفتاوى المضادة في إناء الانفعال والانتقاص، و نشرها بين العامة .. كما أن على علمائنا الأفاضل ألاّ ينساقوا وراء استفزازات البعض، وأن يكونوا كعائذ بن عمرو وأبي برزة رضي الله عنهما، فقد كان عائذ بن عمرو يلبس الخز، ويركب الخيل، وكان أبو برزة لا يلبس الخز ولا يركب الخيل، ويلبس ثوبين ممصرين، فأراد رجل أن يشي بينهما، فأتى عائذ بن عمرو فقال: ألم تر إلى أبي برزة يرغب عن لبسك وهيئتك ونحوك، لا يلبس الخز ولا يركب الخيل، فقال عائذ: يرحم الله أبا برزة، من فينا مثل أبي برزة .. ثم أتى أبا برزة فقال: ألم تر إلى عائذ يرغب عن هيئتك ونحوك، يركب الخيل ويلبس الخز، فقال: يرحم الله عائذاً! ومن فينا مثل عائذ!
إننا بحاجة إلى نشر و تعلم فقه الخلاف وأدبه وإدارته، و بحاجة إلى التربية على قبوله والإقرار به، لذلك فإنني أطالب من هذا المنبر بأن تتضمن مناهجنا التعليمية والتربوية التأصيل لهذا الواقع وفقهه، بتعليم الناشئة ما يكفي لإدراك ذلك، مع ترسيخ مفهوم الأخوة الإسلامية والأخلاق الإسلامية عند الخلاف، و حفظ مكانة العلماء الذين شابت مفارقهم في طلب العلم في منهج وسط بين التقديس والصنمية و بين التهميش والأذية، كما أنه لا بد من إلقاء الضوء على المذاهب المختلفة وبيان مكانتها من الدين، وغرس احترام الآراء الأخرى و كيفية التعامل معها و الإفادة منها، لا سيما في هذا الوقت الذي يتسم بالانفتاح و سرعة تداول الآراء من مختلف المذاهب، مما يسبب إشكالية لدى البعض لسماعه وقراءته ما لم يعهده، بل لا بد من عرض الآراء المختلفة وأدلتها وتنمية مهارات وقدرات التعامل معها ..
رحم الله الشيخ ابن باز، و وفق الله الشيخ القرضاوي.
منقول من موقع الاسلام اليوم
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[04 - 11 - 06, 03:18 م]ـ
كلام رائع من علماء الامة في هذا الزمان رحم الله شيخنا العلامة ابن باز واسكنه الفردوس الاعلى واسال الله ان يوفق الشيخ القرضاوي لما يحبه ويرضاه
ـ[أسامة بن الزهراء]ــــــــ[04 - 11 - 06, 04:20 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا النقل
و منهج العلامة ابن باز عليه رحمة الله في هذا واضح لكل عاقل منصف
حتى في ردوده - رحمه الله - يبدأ دائما بقوله " يا محب " فتأمل
وهذا المقال ينبغي أن يعيه أنصار المنهج الآخر
وأما الخلاف في المسائل الإجتهادية فهذا لا إشكال فيه
أما المسائل التي عليها جماهير العلماء، ثم يأتي أحدهم - بدعوى الإجتهاد - ويأتينا بأقوال شاذة من بطون الكتب فهذه هي المصيبة
ولعل الأمر عندكم - أقصد في المملكة - غير مستفحل لوجود العلماء والدعاة
لكن في أماكن أخرى - وأروربا خير مثال - منهج التمييع أصبح هو الأصل
حتى وصل الأمر بأحدهم أن أصدر بيانا يدعو فيه إلى إيقاف العمل - مؤقتا - بالحدود الشرعية
وما أرى هذه إلى إنسياقا وراء دعوات العلمانيين
وفي جعبتي كلام طويل، لأني ضقت ذرعا بما يقال ويكتب هنا وهناك
بارك الله فيكم
ـ[أشرف المصرى]ــــــــ[07 - 11 - 06, 01:41 ص]ـ
http://www.bramjnet.com/vb3/showthread.php?p=1897936&posted=1#post1897936
ـ[أبو عيسى الإلغي]ــــــــ[07 - 11 - 06, 08:36 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
اختلاف العلماء رحمة والعلماء يتراحمون فيما بينهم، ويعطف بعضهم على بعض ولكن الجهال والعوام هم الطامة الكبرى إذا حواصلهم ضيقة تملؤها حبة، ورحم الله الشيخ ابن باز، فحينما اشتد النكير على الشيخ محمد الغزالي رحمه الله، استدعاه وجالسه وناقشه في الأمور مثار الخلاف، وحينما خرج الشيخ الغزالي من عنده، سئل عنه فقال: رأيت رجلا يكلمني من الجنة، تعبيرا منه عن سماحة الرجل وسمو خلقه، وأخذه بأدب الخلاف وفهمه الصحيح للدين .. فأين التأسي بمثل هؤلاء العلماء الأعلام .. مفاخر الإسلام .......... وأين من يرد العوام الذين لا يفتؤون يسبون ويثلبون ويكفرون من لا يوافق أهواءهم إذ لا علم عندهم، وسدد الله الشيخ القرضاوي الذي تصدق عليهم بعرضه ..
اللهم تبثنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
آآآآآآآآآآآآآآمين.
وعلى المحبة
والسلام
¥