تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[فضفضة]

ـ[أحمد بن أسامة المصري]ــــــــ[04 - 11 - 06, 02:39 م]ـ

قال: مَرّت من أمامي وهي في كامل زينتها.

قلبه: من هي؟!

قال: بنت جميلة! ألا ترى!!

قلبه: ليس هذا غِذائي.

قال: غِذائك!!!

قلبه: نعم ... فأنا أحتاج إلى الغِذاء كباقي أعضائك, بل أنا أهَم منهم، فإنهم بي يأتمرون وبصلاحي ينصلحون ....

قال (مقاطعاً): أسألك عن غِذائك؟!!

قلبه: غِذائي ...... ! هذا موضوع يطول شرحه ........ وقد لا تلحق بالبنت الجميلة!

قال: لا تقلق ... إنهن كثيرات، لا يخلو منهن شارع ولا تخلو منهن ساعة ... فتكلّم أنا أسمع.

قلبه: يااااه ... كم وددت أن تأتي هذه اللحظة ....... لعلّها تكون سبب سعادتي.

قال: سعادتك!!! وهل أنت تعيس أصلاً؟! ... كل هذه الدنيا الجميلة والبنات الفاتنات و .....

قلبه (مقاطعاً): قلت لك ليس هذا غِذائي.

قال: للمرّة الثانية تذكر هذه الكلمة التي لا أفهمها!

قلبه: سأوضح لك .... لكن أرجوك لا تقاطعني، فإنها قد تكون أوّل مرّة تسمع فيها هذا الكلام.

قال (متعجّباً): حاضر .... تفضّل!

قلبه: لقد خلقك الله من شيئين، الأول: قبضة من طين، والثاني: نفخة من روح ..... وكلاهما له غذائه الخاص به ... فالجسد الذي هو من طين يحتاج إلى غذاء من نفس جِنسه، أي من طين أيضاً، فأنت تلاحظ أن نموّ جسدك يعتمد على المأكولات التي هي في الأصل من الأرض.

قال: هذا صحيح، ولكن ما علاقتك أنت بالأكل والشرب؟! فهل القلب يأكل؟!!

قلبه (مكملاً حديثه): أمّا الروح التي هي نصفك الآخر فلها غِذاء من جِنسِها. فبما أنها -أي الروح- من أمر الله فإنها تحتاج إلى غِذاء من عند الله أيضاً، فإن أهملت غِذائها فإنها بالطبع تضعف .... وتضعف .... ثم تمرض ... ثم ......... تموت. فيصير الجسد كالقبر لهذه الروح والعياذ بالله ..... فكم من أناسٍ ماتت قلوبهم بداخل صدورهم حتى أنْتَنَت وتعفّنت وخرجت رائحتها المتمثّلة في المعاصي واتِّباع الشهوات!!

قال: ياااااااه ..... أنا فعلاً أول مرة أسمع هذا الكلام!! واضح أن الأمر خطير ... وأنك حزين.

قلبه (متألماً): وأيّ حزن ........... إنني أشعر بالجوع منذ سنوات، وكلّما هتفت وناديت عليك لتنجدني ....... غَذّيتني بالمعاصي والشهوات، فأتَلَهّى بها حيناً ثم أفيق أسوأ مما كنت ولم أجد حاجتي.

قال: نعم واللهِ .... إني لأشعر فعلاً بجوعٍ وفراغٍ بداخلي ...... ولكني أحاول إخماده بأن أزيد من معرفة البنات وسماع الأغنيات والجري وراء السهرات و ..... والجوع يذهب قليلاً ولكن ....... سريعاً ما يعود!!! أنا تعبت.

قلبه: بل أنا الذي تعبت من هذه السموم التي تلهيني فيها ...... فأنت والله تفعل تماماً كالذي يتعاطى المخدرات.

قال: مخدرات؟؟!!!

قلبه: نعم .... مخدرات، فالمدمن كلّما أحس بالجوع في روحه تعاطى المخدرات ليسكتها، فتسكت. ولكنها بهذا قد تَسَمّمَت أكثر .... ثم لا يلبث قليلاً إلا وقد ذهب مفعول المخدِّر ........ فتعاوِد نفسه الطلب وتلحّ عليه أكثر من المرة الأولى، فيحاول أن يسكتها ولكن بكمية أكبر من المخدرات، ولا يعلم المسكين أنها لن تسكت أبداً وأن هذا هو عين هلاكها وأنها ما إن تفيق حتى تطلب و تطلب و تطلب حتى تهلك ...... و يهلك.

وهذا بالضبط ما تفعله أنت مع المعاصي والنظر إلى النساء واتباع الشهوات. قال الله عز وجل: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) فلقد شبّه الله حال قوم لوط في شهوتهم وكأنهم سكارى .... فهذا هو سكْر الشهوة ...... يتعاطونها حتى إذا قضوا منها وَطَرا ...... سكنت نفوسهم قليلاً ..... ثم تراودهم ..... فيتعاطون ..... تراودهم فيتعاطون ..... ثم .............. جعل الله عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سِجِّيلٍ مَنْضود مسَوّمَة عند ربِّك وما هيَ من الظالمين ببعيد.

قال (باكياً): كفى ... كفى .........................

قلبه: نعم ............ ابكِ ............ اغسل عينيك مما رأيت ورأيت.

قال: عرفت الآن ....... عرفت الآن سرّ شقاوتي ........ عرفت الآن سرّ هذا الشعور المَقيت .......... أريد أن أنَقِّي سريرتي ... أريد أن أطهّر قلبي ..... أريد أن ........ أريد أن أعطيك غِذائك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير