إنّ الأخذ على يد الظالم الطاغية المستكبر على الله تعالى، المجاهر بعداوة الإسلام، المرتمي بأحضان شياطين الغرب الإمبريالي المعادي لأمّتنا، لينفّذ مخططهم الهدَّام، لإلغاء هويّة الأمة الإسلامية، وتمكين الأعداء من غزوها فكريّا وثقافيّا، واجب على أمّة الإسلام قاطبة.
وأوَّل ما يجب على العلماء، أن يبيّنوا أن حكمه أنّه كافر بالله العظيم، وقد أجمع العلماء أنّ من أنكر شريعة من شرائع الإسلام المتفق عليها، فهو كافرٌ مارقٌ من الدين، مرتد عن الإسلام، فكيف بمن يضيف إلى إنكارها، عيبها، والصد عنها بل محاربتها، فكيف إذا كان أصلا يعطّل الشريعة برمتها، ويحتكم إلى سواها، ويوالي أعداءها، ويعدّ التحاكم إليها رجعيّة وتخلّفا، فهؤلاء أكفر الناس، و أعظمهم شركا بالله تعالى، وأشدهم ضررا على الإسلام والمسلمين، وهم بلاء الإسلام في هذا العصر، ومطيّة أعداءه الخارجيين في كلّ مصر، بل هم العدو قاتلهم الله أنى يؤفكون،
وهذا كلّه مجمع عليه، لايحتاج المسلم إلى الدلالة إليه،ولكن ننقل هنا ما قاله قال الإمام القاضي عياض المالكي رحمه الله في الشفا بتعريف حقوق المصطفى، زيادة في الإيضاح، وعناية بغاية الإفصاح:
قال رحمه الله مبيّنا مذهب السادة المالكية وهو مذهب كافة العلماء، وورثة الأنبياء: (وكذلك وقع الإجماع على تكفير كلّ من دافع نص الكتاب، أو حديثاً مجمعاً على نقله مقطوعاً به، مجمعاً على حمله على ظاهره، كتكفير الخوارج بإبطال الرجم، و لهذا نكفّر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كلّ مذهب سواه، فهو كافر بإظهاره ما أظهر من خلاف ذلك ... وكذلك نكفّر بكلّ فعل أجمع المسلمون أنه لا يصدر إلاّ من كافر، وإنْ كان صاحبه مصرحاً بالإسلام مع فعله ذلك الفعل، كالسجود للصنم، وللشمس والقمر، والصليب والنار، والسعي إلى الكنائس والبيع مع أهلها بزيهم: من شد الزنانير، وفحص الرؤوس، فقد أجمع المسلمون أن هذا الفعل لا يوجد إلا من كافر وأن هذه الأفعال علامة على الكفر وإن صرح فاعلها بالإسلام.
وكذلك أجمع المسلمون على تكفير كلّ من استحل القتل أو شرب الخمر أو الزنا مما حرم الله بعد علمه بتحريمه، كأصحاب الإباحة من القرامطة وبعض غلاة المتصوفة.
وكذلك نقطع بتكفير كلّ من كذّب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع، وما عرف يقيناً بالنقل المتواتر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ووقع الإجماع المتصل عليه، كمن أنكر وجوب الخمس الصلوات أو عدد ركعاتها وسجداتها، ويقول: إنما أوجب الله علينا في كتابه الصلاة على الجملة، وكونها خمساً، وعلى هذه الصفات والشروط لا أعلمه،إذ لم يرد فيه في القرآن نص جلي، والخبر به عن الرسول صلى الله عليه وسلم خبر و احد .. ) أ. هـ
ثمّ الواجب على المسلمين، داخل الأصقاع التونسية، وخارجها، أن يهبُّوا لنجدة أخواتهم المسلمات المحجَّبات في تونس، غيرةً على محارم المسلمين، ودفعا لليد العادية عنهم، وأن يسلكوا كلّ سبيل لردع هذه العدوان، من النكير باللسان، وغيره، بالمقاطعة وغيرها، وإثارة القضية في وسائل الإعلام، وكشف حقيقة المؤامرة على الدين، ورفع الظلم عن المسلمين، وذلك بشنّ الغارة في جميع وسائل الإعلام، وإظهار النكير، وتفعيل كلّ وسائل الضغط والتغييّر،
فهذا كلّه فرض شرعي، الصامت عنه مع القدرة شيطان أخرس، والمدافع عن هذه الجريمة أو المهوّن لها، كذّاب مدلّس، ذلك أن محاربة الحجاب، الذي نزل به القرآن، ودعت إليه الشريعة، أشد ضررا على الإسلام، من شتم الدنمرك ـ مثلا ـ للنبيّ صلى الله عليه وسلم،
ومعلوم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان لاينتقم لنفسه، بل كان يعفو أحيانا عمن يسبّه، لكن إذا انتهكت حرمات الله غضب وانتقم،
فإذا أردنا أن ننتصر له حقّا، ونأتسي به حقّا، فلنغضب لإنتهاك شريعته وتعطيلها أعظم من غضبنا لشتمه وسبّه،
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، اللهم هذا البيان، وعليك البلاغ، اللهم عليك بأعداء دينك، شتّت شملهم، ومزّق ملكهم، واجعل الدائرة عليهم، وأرنا فيهم عجائب قدرتك، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المصير يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}
حامد بن عبدالله العلي
ليلة الحادي والعشرين من رمضان عام 1427هـ، بين ركعات القيام
¥