والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصاباً منهما أو من أحدهما وحال عليه الحول. والربح تابع للأصل، فلا يحتاج إلى حول جديد، كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان أصله نصاباً.
وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم، سواء سميت درهماً أو ديناراً أو دولاراً، أو غير ذلك من الأسماء، إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة.
ويلتحق بالنقود حُليُّ النساء من الذهب أو الفضة، خاصة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول فإن فيها الزكاة، وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: {ما من صاحب ذهب أو فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار} .... إلى آخر الحديث المتقدم.
ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب، فقال: {أتعطين زكاة هذا؟} قالت: لا، قال: {أيسُرك أن يُسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟} فألقتهما، وقالت: هما لله ولرسوله. [أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن].
وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها، أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب، فقالت: يارسول الله، أكنز هو؟ فقال: {ما بلغ أن يُزكّى فزكي فليس بكنز}، مع أحاديث أخرى في هذا المعنى.
أما العروض: وهي السلع المعدة للبيع، فإنها تقوّم في آخر العام، ويخرج ربع عشر قيمتها، سواءً كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل، لحديث سمرة قال: {كان رسول الله يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع} [رواه أبو داود].
ويدخل في ذلك: الأراضي المعدة للبيع، والعمارات، والسيارات والمكائن الرافعة للماء، وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع.
أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع، فالزكاة في أجورها إذا حال عليها الحول، أما ذاتها فليس فيها زكاة، لكونها لم تُعد للبيع، وهكذا السيارات الخصوصية والأٌجرة ليس فيها زكاة إذا كانت لم تُعد للبيع، وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال.
وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب فعليه زكاتها، إذا حال عليها الحول، سواءً كان أعدها للنفقة، أو للتزوج، أو لشراء عقار، أو لقضاء دين، أو غير ذلك من المقاصد، لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا.
والصحيح من أقوال العلماء: أن الدَين لا يمنع الزكاة لما تقدم.
وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول، لعموم الأدلة، مثل قول النبي في حديث معاذ لما بعثه إلى أهل اليمن: {إن الله افترض عليهم صدقة فيأموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم}.
والزكاة حق الله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها، ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً أو يدفع ضراً، ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة، بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها، لكونهم من أهلها، لا لغرض آخر، مع طيب النفس بها، والإخلاص لله في ذلك، حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف.
وقد أوضح الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم أصناف أهل الزكاة، قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].
وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه وتعالى لعباده على أنه سبحانه هو العليم بأحوال عباده، من يستحق منهم للصدقة ومن لا يستحق، وهو الحكيم في شرعه وقدره، فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها، وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمته، ليطمئن العباد لشرعه، ويسلموا لحكمه.
والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه والصدق في معاملته، والمسابقة إلى ما يرضيه، والعافية من موجبات غضبه إنه سميع قريب.
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وآله وصحبه.
ـ[الراشد]ــــــــ[08 - 04 - 07, 04:00 م]ـ
رسالة في الزكاة وفوائدها
لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله.
¥